للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والفنية، وهي صاحبة الأمر والنهي فيما يطبق في إدارات التعليم والمدارس، أما المواطنون فليس لهم فرصة -ذات بال- للاشتراك في التخطيط للتعليم فضلًا عن تنفيذه في المدارس. وينتج عن هذا النمط الإداري مساوئ كثيرة تؤدي -ليس فقط إلى إيجاد معوقات شتى في طريق التخطيط التربوي بعامة، وتخطيط المناهج بخاصة -ولكنها تؤدي إلى إيجاد مصادر لهذه المعوقات تنمو وتتضخم وتسري كالسرطان في مؤسسات التعليم الإدارية والفنية، وكلما تقادمت تمكنت إلى أن تصيب نظام التعليم بالعقم والوهن.

ويمكن تلخيص بعض المعوقات الناتجة عن مركزية الإدارة فيما يلي:

١- تكبيل التعليم بالبيروقراطية التي تمكن لروتين معوق.

٢- عزل المجتمع -مؤسسات وأفرادًا- عن العملية التعليمية بعامة وعن تخطيط المناهج بخاصة، ولنا أن نتصور ما يخسره من عدم تمكينه من الارتواء من هذه المصادر الثرة.

٣- عزل المدرسة -وهي صاحبة التعليم والتنوير- عن الإسهام الفعال في التخطيط للعملية التعليمية وعن الابتكار في تنفيذها.

٤- بالتقادم، تتعود قيادات المجتمع عدم الاهتمام بالتعليم ومشكلاته، وهذا يكرس عزلة المدرسة عن المجتمع ويفقدها فرصة ثمينة للاستفادة من التواصل مع قيادات المجتمع ومؤسساته.

٥- عزل المدرسين والمديرين وغيرهم من أعضاء المجتمع المدرسي عن اتخاذ القرارات الخاصة بالمناهج؛ نظرًا لتركيزها في الإدارة التعليمية العليا وحدها.

وما نحن -في بلادنا- عن هذا ببعيدين. فما علينا إلا أن نسأل ناظر المدرسة أو مديرها، أو نسأل مدرسيها عن المناهج الجديدة حين تطبق فتأتينا الإجابة بأن الوزارة هي التي خططت، وهي التي أعدت، وهي التي.. وهي التي ... إلخ، وإذا سألته عن دوره فيها، فإن غاية ما يفعله أن يكون قد سمع مثل غيره عن مناهج جديدة قادمة لم يستشره أحد بشأنها، ولا هو سأل عنها أحدًا؛ لأنه لم يتعود أن يسأل أو يسأل حين يتعلق الأمر بتخطيط المناهج أو تطويرها.

وكما يعرف المتابعون لحركة تخطيط المناهج، فإن تخطيط المناهج لا يأتي بجهد فرد مهما كان قدره، ولا هو آت بجهد أي مجموعة من الأفراد إلا إذا كانوا من المعنيين فعلًا بالمناهج، والمدرس أول من ينبغي أن يستشار ويسمع بآذان صاغية في أمر المناهج، وأول من ينبغي أن يشترك في اتخاذ القرارات الخاصة بها, فهو الذي يعرف دخائلها وهو الذي يتابع آثارها أولًا بأول، ثم يأتي الموجهون والمديرون على التوالي، وغيرهم ممن ذكرنا في فريق تخطيط المناهج.

على وجه العموم، فإن المؤلف يرى أن التخطيط التربوي لا يستقيم أمره ويؤتي ثماره بالإدارة المركزية؛ لأن التخطيط التربوي بعامة وتخطيط المناهج بخاصة، يهم الجميع: المدرسين، والموجهين وأولياء الأمور ومديري المؤسسات الإنتاجية والخدمية والقيادات السياسية والإعلامية والمهنية وغيرهم، فلكل هؤلاء الحق في الاشتراك فيه، فإذا حجبتهم عنه الإدارة المركزية فإنها قد عملت -بذلك- على تعويق مسيرة تخطيط مناهج جيدة.

<<  <   >  >>