للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من اليعاقبة، وكان بدء التبشير بالمسيحية فيها ببطء أو الأمر، ولكنها ما لبثت أن وجدت الكثير من الأنصار.

ويدعي الطبري: أن امرأ القيس كان أول من تنصر من ملوك الحيرة، وقد يكون هذا الخبر غير مؤكد، وكل ما يمكننا الجزم به: "أن المنذر بن ماء السماء" كان نصرانيًّا وتزوج "بهند" وهي نصرانية؛ أيضًا، وقد بنت الدير المعروف، باسم "دير هند الكبرى" وقد حدث صراع بين النساطرة واليعاقبة حول اجتذاب الحيريين إلى مذهبيهما، وقد تفوق النساطة في هذا الصراع واجتذبوا عدد كبيرا من نصارى الحيرة إلى مذهبم١.

ديانة مناذرة الحيرة:

واختلفوا في ديانة ملوك الحيرة فمن قائل: إنهم تنصروا على عهد "امرئ القيس" الأول ابن عمرو في أوائل القرن الرابع. وقائل: إن أول من تنصر "النعمان بن المنذر" في آخر القرن السادس. وبينهما أقوال كثيرة لا سبيل إلى تحقيقها؛ لاختلاف القائلين فيها مثل اختلافهم في عدد ملوكهم وفي تعاقبهم وسني حكمهم٢.

ويبدو أن ملوك الحيرة لم يتنصروا عقيدة؛ إنما تنصروا سياسة أي تبعا لولائهم السياسي للرومان لما غلب الرومان على الفرس ودارت الحيرة في فلكهم فترى في سجل الكنيسة الشرقية أن الحيرة كان عليها أسقف لسنة ٤١٠م، وأن ملكها حمى النصرانية سنة ٤٢٠، وترى في الجهة الأخرى: أن النساطرة واليعاقبة اشتد جدالهم في أوائل القرن السادس للميلاد، وتنافسوا في الرئاسة ففاز النساطرة، وملوك الحيرة كانوا إلى أواسط القرن الاد على الوثنية؛ وإن المنذر امرئ القيس بن ماء السماء" كان يقدم ذبائح من البشر إلى العزى، وكان بين نسائه امرأة من غسان اسمها "هند الكبرى" أم عمرو بن هند" كانت مسيحية فبثت مبادئ النصرانية في ابنها فنشأ نصرانيا، يؤيد ذلك ما نقشته على ديرها. ولما ماتت رجع خليفته "قابوس أو المنذر بن


١ تاريخ العرب القديم ص٢٠٣، ٢٠٤.
٢ العرب قبل الإسلام.

<<  <   >  >>