يصطلح كتاب العرب أن المراد بعرب الشمال على الإجمال: الإسماعيلية أو العدنانية، ومنازلهم شمال بلاد اليمن في تهامة والحجاز ونجْد وما وراء ذلك شمالا إلى مشارف الشام والعراق، وهم يرجعون بأنسابهم إلى إسماعيل بن إبراهيم.
ويرجع تاريخ هجرة إبراهيم بابنه إسماعيل إلى ما ذكرته التوراة والقرآن.
وحكاية إسماعيل في التوراة لا تختلف كثيرا عما جاء في القرآن فقد ذكرت التوراة إخراج إسماعيل وأمه هاجر إلى برية بير سبع وسكناه بقرية فاران، وأن أولاده آباء القبائل التي أقامت ما بين "حويلة" إلى "شورة"، وكانت شورة عند برزخ السويس وحويلة وخولان في شمال اليمن وبينهما الحجاز، ونجد وتهامة وجزيرة سيناء.
أما التاريخ العربي فقد بنى روايته في أصل عرب الشمال على ما جاء في القرآن الكريم. فأصل المكان الذي قام فيه إسماعيل وأمه فهو: مكة بدل برية فاران.
ويقول المؤرخون: إن إسماعيل أقام بمكة، وتوَّج امرأة من جرهم أصحاب مكة في ذلك العهد، فولدت له اثني عشر ولدًا.
والروايتان متفقتان في أن إسماعيل ربِّيَ في البادية، وأنه كان راميًا بالقوس شأن أهل البادية؛ وأنه خلف اثني عشر ولدًا أسماؤهم تطابق أسماء بعض قبائل الشمال؛ وإنما اختلفوا في المكان الذي أقام فيه إسماعيل، فالتوراة تقول: إنه برية فاران أو جبل فاران، وكلاهما عند العقبة شمال جزيرة سيناء، ومؤرخو العرب يقولون: وفقا للقرآن إنه مكة بالحجاز.
يقول جورجي زيدان: ويسهل تطبيق الروايتين متى علمنا أن جبال مكة أو جبال سيناء تسمى أيضا فاران، فيكون المراد أن "البرية" التي أقام فيها إسماعيل "برية" الحجاز وأنه أقام حينًا في سيناء، ثم خرج إلى الحجاز وسكن هناك وتزوج، ولم تذكر التوراة إسماعيل بعد خروجه من بيت أبيه إلا عند حضوره دفنه على عادتها من الاختصار في ما يخرج عن تاريخ أمة اليهود أو ديانتها.