وبعد ذلك فنستطيع القول عن الأثر المسيحي، وزعم القول به على الرسول من خلال ما سبق أن نزعة التبشير في المسيحية إلى الاضطهاد الذي تعرضت له من الدولة الرومانية، هذه النزعة ظهرت للمرة الأولى بعد استشهاد القديس أسطفانوس، وما تلاه من اضطهاد، ولم يكن الاضطهاد هو السبب الوحيد في انتشار المسيحية، ولكنه كان سببًا من أسباب انتشارها ولعله كان من أهم الأسباب:
وكان من نتائج هذا الاضطهاد لجوء بعض المسيحيين -على أثره- إلى بلاد ما بين النهرين خارج الإمبراطورية الرومانية، وبذلك استطاعوا أن ينشئوا كنيسة ما بين النهرين، خصوصًا فيما حول "الرها" في هذه الكنيسة ظهرت المسيحية: بآدابها وبلغتها السريانية، والترجمة للكتاب المقدس إلى السريانية كانت عن النص العبري، وليست عن النص اليوناني.
وأصبحت "الرها" بتمايزها السرياني: كنيسة، ومدرسة، مركزًا مشعا وطيد الأركان، ذا شهرة واسعة بين سكان ما بين النهرين، وفارس وممن يتكلمون السريانية باعتبارها مركزا كنسيًّا للشعوب المتكلمة بالسريانية، فإنها مثلت الجانب السرياني من الحياة العقلية، وضارعت به الإسكندرية، وانتشرت اللغة السريانية تدريسًا وتعليقًا في الرها، ونصيبين، وحران.