يقول المسعودي: كانت للعرب مذاهب في الجاهلية في النفوس، وآراء يتنازعون في كيفياتها:
١- فمنهم من زعم أن النفس هي الدم لا غير، وأن الروح والهواء الذي في باطن جسم المرء منه نفسه.
ولذلك سموا المرأة منه نفساء؛ لما يخرج منها الدم، ومن أجل ذلك تنازع فقهاء الأمصار فيما له نفس سائلة إذا سقط في الماء: هل بنجسه أم لا؟
وقال تأبط شرا لخاله الشنفرى الأكبر وقد سأله عن قتيل قتله: كيف كانت قصته؟ فقال: ألقمته عضبا، فسال نفسه سكبا، وقال: إن الميت لا ينبعث منه الدم ولا يوجد فيه أبدا في حالة الحياة. وطبعة الحياة: النماء مع الحرارة والرطوبة؛ لأن كل حي فيه الحرارة ورطوبة فإذا ما بقي اليبيس والبرد نفيت الحرارة.
وقال ابن براق بن كلعة:
وكم لاقيت ذا نجب شديد ... تسيل به النفوس على الصدور
إذا الحرب العوان به استهامت ... وحال فذاك يوم قمطرير
٢- وطائفة منهم تزعم أن النفس طائر ينبسط في جسم الإنسان فإذا مات أو قتل لم يزل مطبقا به متصورا إليه صورة طائر يصرخ على قبره مستوحشًا.