إن الديانة الفارسية من حيث لاهوتها، ومن حيث المستوى الخلقي الأدبي لا تضاهيها ديانة أخرى من ديانات العالم القديم باستثناء الديانتين اليهودية والمسيحية.
وهي ديانة تفضل الديانات التي كانت تدين بها بلاد ما بين النهرين ومصر واليونان، ومؤسس الديانة الإيرانية الوطنية التي كانت تدين بها السلالة الأخمينية إلى الدولة الساسانية، كان زرادشت وهو مصلح ديني من ميديا توفى حوالى٦٠٠ ق. م. وقد اكتنفت حياته هالة من الأسرار والأساطير. وكان الدين الجديد الذي بشر به عميق الجذور في المعتقدات الشعبية الإيرانية التي لم تكن تختلف عن المعتقدات الشعبية عند قدامى الهنود. وكتاب الزرادشتية المقدس ويعرف بكتاب الأفستا، من أقدم الكتب الأدبية في بلاد فارس، وهو مجموعة أقوال قديمة تعزى إلى النبي زرادشت، وتراتيل دينية ترتل عند تقديم الذبائح وصلوات وشرائع كهنوتية وطقوس عبادة جوهر الديانة الزرادشتية تقوم على ثنائية تجسد المبدأين المتضادين مبدأ الخير ومبدأ الشر، أو مبدأي النور والظلام، ويمثل هذين المبدأين إلهان كبيران -أهورا مازدا "أو رمازد" وضده أهريمان؛ والمبدآن الخير والشر مبدآن يتصفان بقوى مبدعة خالقة، ويذكرنا الإله أهورامازدا بالإله العبري يهوه بوصفه إلها كلي المعرفة، كلي الوجود، غير مخلوق، مبدعا لكل ما هو نقي وحي، وأما ضد أهريمان فيذكرنا بالشيطان على ما نعرفه في العصور التالية. والزرادشتية تتصور الحياة أنها صراع دائم بين هاتين القوتين، قوة الخير وقوة الشر١.