للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الدور الحمير الثاني]

...

الدور الحميري الثاني:

حوالي سنة "٣٠٠م" لَمَّتْ دولة حمير شعثها للمرة الثانية وضمت إليها القبائل المجاورة، وأخضعت "حضرموت"، وسائر بلاد اليمن وأصبح لقب ملوكها: "ملك سبأ وذوريدان وحضرموت ويمنات"، ثم أضيف إلى هذا اللقب قسم آخر: "عربهم في الجبال وفي التهامة"، ويفهم من هذا أن الدولة الحميرية الثانية أصبحت ذات حدود متسعة وتخضع بلاد كثيرة لسلطانها، وقد عرف العرب هذه الدولة الثانية باسم "دولة التبابعة" وحديث المؤرخين عن ملوكها حديث أقرب إلى الخرافة١.

وفي الدور الحميري الثاني: بدأت الديانة المسيحية واليهودية تتسرب إلى اليمن وتحل محل الديانة الوثنية، التي كانت تدور حول عبادة النجوم والكواكب والشمس.

وكان انتشار المسيحية تدريجيًّا، وقد قام بالدعاية لها المبشرون المسيحية، وخاصة اليعاقبة أتباع مذهب الطبيعة الواحدة الذين جاءوا من الحبشة، وأنشأوا لهم كنائس في عدن وظفار ونجران، ومن الجائز أن إرساليات مسيحية نسطورية من الحيرة وسورية أيضًا قامت بالدعاية للديانة المسيحية وكسبت المسيحية بعض الأتباع في اليمن، وقد انتشرت اليهودية أيضا في اليمن في عهد الدولة الحميرية الثانية.

ويبدو أنها دخلت شمال الجزيرة قبل هذا العهد وربما كانت ذلك على أثر: خضوع فلسطين "لاوريانوس وتيتوس" وتدمير "بيت المقدس" على يد هذا الأخير "٢" سنة ٧٠م.

الثالث: الدور الحبشي والفارسي

حوالي سنة ٣٤٠م هاجم الأحباش اليمن واستولوا عليها، فوجدت المسيحية فيهم سندًا قويًّا؛ غير أن الحكم الحبشي لم يتح له أن يعيش طويلًا؛ لأن رجال الدين المتعصبين لوثنيتهم تعاونوا مع أهل البلاد اليمنيين على مقاومة الحباش النصارى واستطاعوا إخراجهم سنة ٣٧٨م، وعادت الوثنية تتربع المكانة الأولى وكانت أهداف هذه الحملة الحبشية الأولى على اليمن انتزاع السيادة التجارية من اليمنيين، وبث


١ السابق ص١٠١.
٢ المرجع السابق ص١٠٢.

<<  <   >  >>