للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[نيقولاس وظهور الهرطقة في أنطاكية]

...

نيقولاوس وظهور الهرطقة في أنطاكية:

وطبقا لعبض المصادر كان نيقولاوس الأنطاكي وهو الذي كان من أوائل المهتدين وأحد الشمامسة السبعة في القدس "أعمال الرسل ٦: ٥" ابتدع هرطقة باكرة عرفت باسمه.

والظاهر أن هذه الحركة المنسوبة إلى نيقولاوس كانت ترمي إلى إيجاد حل وسط بين المسيحية والعادات الاجتماعية السائدة، وذلك بالتوفيق بين ممارسة عادات وثنية معينة والانخراط في سلك الطائفة المسيحية.

والهرطقة المنسوبة إلى نيقولاوس كانت -من بعض الوجوه- الطليعة لمذهب الغنوسطية الذي كان يفوقها إلى حد بالغ من حيث بعد الأثر وخطورة الشأن وهو مذهب القائلين: بأن الخلاص يتم بالمعرةف دون الإيمان.

ازدهر هذا المذهب في جو ديني وفكري في أنطاكية، حيث كان الاختلاط بين جماعات أفريقية وشرقية متباينة الجنس والدين يهيئ مجالا واسعًا لدراسة ونشر مذاهب جديدة دينية، وفلسفية ولما كان مذهب الغنوسطية مذهبا يتوسط بين الفلسفة الوثنية والدين، وكانت أصول إغريقية، إلا أنه اقتبس بعض الآراء المسيحية، وبعض الآراء اليهودية، وكان ذلك المذهب في وضع يهيئ له منافسة العقيدة المسيحية، فقد كان يَعِدُ بمعرفة التدبير الإلهي للكون وبالخلاص، بما في ذلك الأمان من قوى الشر على الأرض وضمان حياة سعيدة في العالم الآخر. وقد بدأ ظهور هذا المذهب في الشرق، ثم انتشر في جميع أنحاء الإمبراطورية وتعددت صوره المتباينة إلى ما لا سبيل إلى حصره، وتفاوتت تعاليم كل قطب من أقطابه، ما بين أنظمة غير مسيحية قطعا، وأنظمة كيِّفت على نحو بدت معه على هيئة هرطقات مسيحية.

<<  <   >  >>