للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المسيحية في بلاد العرب]

[مدخل]

...

[المسيحية في بلاد العرب]

١- الهلينستية وآباء الكنيسة:

يقول حتى: في الوقت الذي كان الناس في العالم ينتجهون بأبصارهم ناحية "روما" على أنها سيدة الدنيا ومحور نشاطها؛ وفي الوقت الذي كانوا ينظرون بدهشة وذهول إلى عرش قيصر وجلال مجده، في هذا الوقت ولد طفل في "مذود" في مدينة قابعة في زاوية من زوايا ولاية صغيرة تابعة للإمبراطورية الرومانية؛ ولكن "المذود" هذا خلد على مر الزمن؛ بينما أعمل العدم في إمبراطورية روما معوله؛ أما المولود فهو "يسوع" وهو اسم عبري معناه: "يهوه هو الخلاص". ولم يذكره مؤرخ لاتيني كلاسيكي معاصر سوى: مؤرخ واحد اسمه "تافيطس" وذلك عندما تكلم بصورة عابرة عن رجل يدعى "المسيح" وهي لفظة آرامية معناها "الممسوح بالدهن" وهي علامة على "النبة أو الملوكية". وهذا المسيح هوالذي حكم عليه الوالي "بنطس بيلاطس" بالموت في عهد "طياريوس قيصر" حوالي ٢٧م.

وقد طبق السيد "المسيح" تعاليمه، ومارسها في حياته؛ ومن أجلها مات على الصليب، وعلى وجه العموم نستطيع أن نقول: إن تعاليم المسيحية الجديدة أمدت البشر بنظرة جديدة إلى الحياة، كما أنها أكدت على ضرورة تكريس الذات تكريسا لمحبة الله، ومحبة الإنسانية، وكانت سيرة "المسيح" على الأرض خير مثال تجسدت فيه هذه المثل بصورة واقعية، وما كان للمسيحية أن تنتشر هذا الانتشار لو لم يكن في رسالتها أجوبة عن أمثلة يسألها الناس عن جوهر الحياة ومعناها، وعن الموت ومعناه: أجوبة ترضي فضول السائلين فكريًّا وروحيًّا؛ لأن العصر الذي ظهرت فيه المسيحية كان عصرا يتمخض بقلق فكري وروحي، وكان من الطبيعي أن يسأل الناس عن الحياة والموت وعن أسرار هذا الكون.

أما الديانات الإغريقية الرومانية فكانت تعد بالخلود قلة من الناس هم الذين خدموا أمتهم، وأحسنوا إليها، كما أن أسرار الديانات الشرقية القديمة كانت وقفا على نخبة من الناس.

<<  <   >  >>