نسوق بعضًا من نماذج كثيرة ليتبين أن أعرق شيء في الأساس الحضاري هو الدين؛ من حيث هو حقيقة موجهة إلى الله، وإن كانت الطفولة البشرية تدنسه بمظاهر الوثنية.
أ- حفائر البحرين:
- خلال الفترة الواقعة بين أواخر الخمسينيات وبداية السبعينيات عملت في البحرين والساحل الشرقي لشبه الجزيرة العربية بعثة أثرية إنجليزية وهولندية مشتركة بإشراف ج. بيبي، والمعروف لدى علماء الآثار أن البحرين "ديلمون أو تلمون" كانت تشغل مكانا خاصا في التصورات الميثولوجية والتاريخية لسكان ما بين النهرين القدماء، ففي النصوص السومرية القديمة كانت هذه الجزيرة تسمى أرض السعداء وتعتبر بمثابة الجنة السومرية، وقد تسنى للعلماء أن يبرهنوا على أن البحرين لم تكن عند السومريين مركزا هاما للعبادة فحسب بل كانت أيضًا منطقة عبور هامة للتجارة البحرية التي كان يمارسها التجار السومريون والبابليون في الألفين الثالث والثاني ق. م. وعن طريق البحري كانت تعقد الصلات مع "مالوه" حضارة حوض السند، وعثر علماء الآثار في البحرين على بعض المعابد الضخمة لشعوب ما بين النهرين التي شيدت في الآلاف ٣-١ ق. م كما اكتشفوا عند الشاطئ الشرقي لشبه الجزيرة العربية عدة حضارات أثرية شبيهة بحضارة ما بين النهرين يرجع عهدها إلى الألف الرابع ق. م. كما أن لقايا الأختام المنبسطة الطلاسم من طراز "حرابا" تسترعي اهتماما خاصًّا؛ لأنها تشهد على الصلات النشيطة القائمة بين الحضارات القديمة للهند وسومر.
٢- حفائر جورجيا:
- إن حفريات علماء الآثار الجورجيين في مدينة فاني -مدينة صغيرة تقع عند ثغر سولوري الرافد الأيسر لنهر فازيس القديم الذي يسمى حاليا ريوني- لا تزال مستمرة، ولا شك في أنها ستغني العلم بشواهد وأدلة جديدة وهامة حول الحضارة القديمة والفريدة لشعوب القوقاز، وقد أتاحت أعمال علماء التاريخ والآثار إعادة النظر في تقييم مساهمة منطقة ما وراء القوقاز في تطور حضارات الشرق القديم والحضارة اليونانية الكلاسيكية.
٣- حفائر تركستان:
- وفي عام ١٩٥٤ بدأت دراسة الحضارات القديمة لتركستان الجنوبية لمعهد الآثار التابع لأكاديمية العلوم التركمانية برئاسة ف. ساسون، منذ عام ١٩٦٥م تجري دراسة شاملة للمركز الضخم لحضارات آسيا الوسطى القديمة، وقد أدرجت الآثار