للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما النصر النهائي فلمبدأ الخير، وواجب المؤمن الديني والخلقي أن يقوم بكل عمل من شأنه مساعدة قوة الخير؛ لكي تنتصر على قوة الشر، وجميع أفكار الإنسان وأعماله وأقواله مكتوبة في سجل الحياة؛ لتقابل يومًا بأعماله الشريرة وبخطاياه التي لا يمكن الإغضاء عنها أو منحه المغفرة عن واحدة منها، وعندما تفارق الروح الجسد تقاد إلى ما يسمونه -جسر الحساب- الذي يتحتم على نفس المرء أن تعبره؛ لتدخل ملكوت السماء، وإذا رجحت كفة ميزان الأعمال الصالحة التي علمها الإنسان في حياته سمح له أن يعبر الجسر، وإلا فإنه يهوي من على الجسر إلى جهنم.

وفكرة الجسر تشبه الميزان عند المصريين القدماء ومن بعدهم الصراط عند المسلمين؛ لأن فكرة الحياة الثانية بعد الموت كما هي في القرآن الكريم، وكما هي في العهد الجديد والتى تتوقف على الأعمال الصالحة التى يقوم بها المرء في الحياة الدنيا أقرب إلى أن تكون فكرة وثيقة الصلة بكتاب الأفستا عند الفرس وكتاب الموتى عند المصريين، منها أن تكون فكرة مستمدة من العهد القديم؛ أما تحريم حرق الجثة أو دفنها، وتركيز العبادة حول النار المقدسة على المذابح تلك التي أصبحت فيما بعد هياكل للنار المقدسة فهي أمور دخلت الزرادشتية وتطورت في عصور تالية. أما الشهادة التي يطلب إلى معتنق الديانة أن يؤديها، فتشهد على مبلغ سمو مستوى الشريعة الخلقية في ديانة زرادشت، يقول الداخل في الدين "أقسم أني منذ اليوم أمتنع عن اللصوصية، وسرقة الماشية، والنهب وتدمير القرى التي تخص المؤمنين من عباد مزدا وأعد أرباب البيوت المقيمين مع ماشيتهم في أية بقعة من بقاع الأرض أن لا أتعرض لهم بسوء، وأن يتجولوا أنى يشاؤون ويقيموا أنى يشاؤون دون أن يزعجهم أحد، وبكل خشوع رافعا يدي إلى السماء إلى آشا -أقسم على هذا، ومنذ الآن أعد بأن لا أجلب الخراب والدمار على القرى المزدية حتى إن كان ذلك للأخذ بثأر قتيل.

وأعترف أني من عباد مزدا وتابع من أتباع زرادشت ومن المؤمنين بهما، كما أومن بالأفكار النافعة والأقوال الحكيمة والأعمال الصالحة"، وآخر عبارة في هذا القسم هي شعار الديانة الزرادشتية١.


١ Zenaide A.R. agazin, Medaia, Balybon and Persia, p. ١١١ وأيضا خمسة آلاف سنة من تاريخ الشرق الأدني جـ١ ص ٩٦.

<<  <   >  >>