للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بعد دخول الإسلام بلاد فارس في العقد الثالث من القرن السابع للميلاد، ولم يبقَ من أتباع زرادشت سوى عدد قليل جدًّا، وقد بقيت من أولئك القلائل الذين لجأوا إلى مدينة بومباي أو إلى ضواحيها جالية إلى يومنا هذا تعرف بجماعة البارسي -أي الفرس- تخلت عن كثير من المعتقدات الدينية القديمة التى تدور حول أهريمان، وبذلك أصبحوا من أصحاب التوحيد١.

وهذه الديانة لا تجيز عبادة الأصنام أو احترام الأوثان مطلقا، ولا تقر إلا بإله واحد أزلي سرمدي أبدي ليس له شريك في الملك ومنه الأمر وإليه يرجع، ويسمون "الله": "أورمزيد. أو -هرمز أو هرمس" والإله "إيزد"، ويعتقدون بخلود النفس وبعالم آخر بعد الموت يكون فيه العقاب والثواب، ولكن يعتقدون بأن الله خلق مع الخلق قوتين عظيمتين:

اسم أولاهما: يزدان مصدر الخير.

واسم الثانية: أهرمن مصدر الشر.

فجميع الخيرات والشرور في هذه الدنيا ينسب إلى هاتين القوتين ويفسرهما حكماؤهم بالعقل والنفس.

وهم يبجلون ويعظمون كل الأقمار والكواكب والنجوم وجميع النيرات المضيئات بقولهم: إنها مظاهر الأنوار الأبدية ولا سيما الشمس فإنهم يتعاونون في تعظيمها؛ لاعتقادهم فيها أنها مصدر النور والحرارة، وهما أصل مادة الحياة وأعظم وساطة عند الله تعالى، وأكبر مظهر من مظاهر الله، ولولاها لما وجد كائن حي في العوالم التى تحت نظامها.

ويوجد في كتبهم أخبار متعددة عن ظهور مجدد ومصلح جديد، ويوجد لهذا المصلح علامات في تلك الكتب ينطبق البعض فيها صراحة على أحوال حضرة صاحب الرسالة "الرسول"، والبعض جاء تلميحًا وتأويلًا٢.


١ نفس المرجع السابق جزءًا وصفحة.
٢ يراجع: مفتاح باب الأبواب زعيم الدولة الدكتور ميرزا محمد مهدى خان رئيس الحكماء الإيرانى والأذربيجاني التبريزي نزيل مصر ط١ مطبعة مجلة المنار سنة ١٣٢١.

<<  <   >  >>