يذكر القرآن ذلك فيقول:{وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} ، وهي وإن كانت من حيث طبيعة جوها لا يطمع فيها طامع، تعد بمعزل عن أطماع السياسيين، وأصبحت بذلك كأنها منطقة حيادية، ولهذا السبب -وهو عزلتها- رغب فيها اللاجئون السياسيون الذين وقعوا فريسة للاضطهاد السياسي، أو الديني، فكانوا يفزعون إليها؛ لأنهم يجدون فيها الملجأ الآمن المطمئن، وكذلك جاليات اليهود، والنفر من النصارى، الذين ما دخلوا تلك البلاد إلا فرارا من حملات الاضطهاد الروماني التي وقعت عليهم.
لذلك لم يكن بعيدا علينا أن نجد فيها -كما ذكر القرآن- بعضا من اليهود والنصارى، والمجوس، والصابئين، والذين أشركوا، ونجد فيها: الأصنام، والأوثان، ومصطلحات دينية غير عربية مثل: الجبت، والطاغوت.
ومعلوم أن اليهودية لم تنشأ فيها، ولا النصرانية، ولا المجوسية، ولا الصابئة، ولكنها وفدت إليها تحت قسوة الاضطهاد السياسي أو الديني.
وسنعرض بالتفصيل لتلك الأديان والمذاهب فيما بعد.
كل هذا وغيره يعطينا أن العربي لم يكن في عزلة عما حوله، سواء من ناحيته؛ لأنه خرج منها متاجرا، أو من غيره فلم يكن في عزلة عنها؛ إذ وجدنا من يمم وجهه شطرها.
ومن العوامل الأساسية في التوسع ودعم النفوذ الروماني وتوطيده في الشرق أمور كان قوامها:
- الدبلوماسية.
- والتجارة.
ولكنها كانت مؤيدة بقوات حربية عظيمة، ونشاط حربي مضنٍ، وفي مصر وفي بلاد العرب وشمال إفريقية اتبعت هذه السياسة بعينها.
فالبلاد العربية جرى فيها حركات حربية وتجارية ودبلوماسية.