للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتسمياتهم هذه لا تعني أن من تسمى بها كان عربي الأصل، ثم إن كثيرًا من اليهود في الغرب وفي أمريكا وفي البلاد العربية والإسلامية سموا أنفسهم بأسماء غير عبرانية، ولكنهم كانوا وما زالوا على دين يهود؛ والأسماء وحدها لا تكفي في إعطاء رأي علمي في تعيين الأصول والأجناس، ولا سيما في المواضع الكائنة على طرق التجارة والمواصلات وفي الأماكن التي يكثر فيها الاختلاط.

وللمستشرق "ونلكر" رأي في هذا الموضوع، خلاصته:

أن أولئك لو كانوا يهودا حقا هاجروا من فلسطين إلى هذه المواضع لكانت حالتهم وأوضاعهم ومستواهم الاجتماعي على خلاف ما كان عليه هؤلاء اليهود١.

ولكن اليهود مع ما كان لهم من قلاع وآطام وقرى عاشوا فيها متكتلين مستقلين لم يتمكنوا من بسط نفوذهم وسلطانهم على الأراضي التي أنشأوا مستوطناتهم فيها، ولم يتمكنوا من إنشاء ممالك وحكومات يحكمها حكام اليهود، بل كانوا مستقلين في حماية سادات القبائل يؤدون لهم إتاوة في كل عام مقابل حمايتهم لهم ودفاعهم ومنع الأعراب من التعدي عليهم، وقد لجأوا إلى عقد المحالفات معهم فكان لكل زعيم يهودي حليف من الأعراب ومن رؤساء العرب المتحضرين٢، وكان جل اعتماد اليهود في هذه المنطقة عند ظهور الإسلام على التجارة ومعاطاة الربا والزرع، وبعض أنواع الصناعة كالصياغة، وتربية الماشية والدجاج، وصيد الأسماك في أعالي الحجاز على ساحل البحر الأحمر، واشتهروا بالاتجار بالبلح والبر والشعير والخمر، وكانوا يجلبون الخمر من بلاد الشام، وكانوا يبيعون بالرهن، يرهن المشترون بعض أمتعتهم عندهم؛ ليستدينوا منهم ما يحتاجون إليه، وقد ورد أن الرسول رهن درعا له عند يهودي من أهل يثرب في مقابل شعير كان به حاجة شديدة إليه


١ المفصل جـ٦ ص٥٣٠، ص٥٣١.
٢ المفصل جـ٦ ص٥٣٢، ص٥٣٣.

<<  <   >  >>