ومنذ أن أصبح المذهب النسطوري مضطهدًا، ونحن نلاحظ سرعة في انتشاره وإشرافا، وتوجيها، وسيطرة على الكنائس والمدارس في المنطقة العربية، وانتشر نشاط النساطرة بين العرب في الجنوب الغربي، ثم اتجه نحو الشرق عبر آسيا الوسطى إلى أن بلغ الشرق الأقصى.
ومن المدن العربية الكبرى التي تنصرت: الحيرة، وذلك حوالي نهاية القرن السادس، وذلك حين تنصر النعمان ملك الحيرة، وتبع هذا تحول كثير من الأعراب إلى المسيحية، وهم من قبيلة اللخميين يؤلفون الأرستوقراطية الحاكمة في الحيرة.
يقول ابن هشام: وبنجران بقايا من أهل دين عيسى على الإنجيل، أهل فضل واستقامة من أهل دينهم لهم رأس يقال له: عبد الله بن تامر.
يقول ديلاسي أوليري: ويبدو أن هؤلاء الذين اعتنقوا المسيحية قد أخذوا المذهب النسطوري، وارتضوا أن يقوم بخدمة القداس رجال الدين النساطرة، الذين يتكلمون السريانية.
وعلى الرغم من هذا كله فشلت المسيحية في أن تمد جذورها بين العرب فلم يتأثر وسط الجزيرة العربية بالمسيحية.
خلاصة القول كما يقول دوزي أن المسيحية لم تستطع بما فيها من تقاليد وعقيدة التثليث وعقيدة صلب المسيح أن تجذب انتباه العرب أو أفكارهم١.
ومن وجهة النظر العامة: عجزت المسيحية أن تنتشر في الشرق مثل انتشارها في الغرب؛ وذلك للسبب الذي يقوله "رينان"؛ لأنها الوارثة بلا واسطة لآثار الآراميين من مدرسة الإسكندرية.
١ حضارة الإسلام: ص٢٨ صلاح الدين خودابخش ترجمة د/ علي حسني الخربوطلي.