وكانت مدينة نجران، في بلاد العرب، غير بعيدة عن مكة وهي الأخرى مسيحية تدين بمذهب الطبيعة الواحدة، ولا نستطيع أن نحدد مركزا لأصحاب الطبيعة الواحدة يدّعي نقل الثقافة اليونانية إلى العرب بالثقة نفسها التي حددنا بها مركز النساطرة في جنديسابور.
ومع ذلك لا يمكن إغفال هذه الصلة؛ لأن مراكز أصحاب الطبيعة الواحدة كانت في الحق أديرة، ولم تكن جامعات، كما كان الأمر في جنديسابور، ولذلك لم تكن مراكزهم وثيقة الصلة بالعرب، كما كانت مدرسة النساطرة.
ويقول عن مدرسة نصيبين:
وكانت مدرسة نصيبين مزدهرة إبان الفتح الإسلامي، ولكنها لم تكن فيما يبدو ذات أثر مباشر على العرب، ولعل السبب في ذلك أنها كانت لاهوتية صرفة.
ثم يقول: لم تكن "في المنطقة العربية" كتب بالعربية، ولم تكن في العربية ترجمة للكتاب المقدس، ولم يكن هناك قداس باللغة العربية.
ثم قال: إن الثقافة اليونانية لم تنتقل إلى العرب عن طريق الاتصالات الأولى، ولقد تحقق انتقال العلوم اليونانية إلى العرب، عندما استقرت الخلافة العربية في مدينة بغداد.
ثم يقول:"إن الفتح العربي في سنة ٦٣٢ لم يوقف الحياة الدينية أو الفكرية لطائفة النساطرة أو أصحاب الطبيعية الواحدة".
ويتكلم صاحب تاريخ سورية عن علاقة المسلمين بالمسيحيين فيقول:
"لقد فرض العرب الجزية وتركت الطوائف التي تدفع الجزية حرة تتبع قوانينها وديانتها وتقاليدها وتحيا حياتها الفكرية الخاصة١.
ولقد كتب أحد بطاركة الكنيسة الشرقية يقول:
إن العرب الذين أولاهم الله السلطة على العالم في هذا العهد هم -كما تعلمون- يقيمون بيننا ولا يتخذون من النصرانية موقف عداء بل هم على عكس من