بعد تحليلها تاريخيا من جانب، وواقعيا من جانب آخر مع الاهتمام بالجانب المنطقي في مناقشة بعض القضايا الموضوعية التي سوف نعرض لها فيما نعرض؛ ليطرح العقل سؤاله من خلال إثارة دعوى بشرية القرآن.
وحقيقة إن هناك أسئلة كثيرة لكن من الممكن أن ترتد إلى سؤال واحد يقول: إذا كان الرسول ألَّف القرآن وهو الآن بين أعيننا وبين أيدينا فيا ترى متى تعلم الرسول؟ وفي أي مدرسة من المدارس القديمة انتظم فيها؟ وهل ترى -عندما ألف القرآن- استمده من المسيحية؟ أو من اليهودية؟ أو تلك الصابئة؟ أو من المجوسية؟ أو من الوثنية؟ وهل كانت هذه الأديان أو تلك الملل منتشرة في الجزيرة العربية؟ وبأي لغة كانت، ونحن نعلم أن هذه الأديان ليست ناشئة في مكة وإنما نشأت بعيدا عن الجزيرة العربية، وحقيقة كانت بلسان أعجمي.
فالمسيحية لم تكن بلسان عربي وإنما كان لسانها لسانًا سريانيًّا.
واليهودية لم تكن بلسان عربي وإنما كان لسانها لسانًا عبرانيًّا.
والمجوسية كذلك لم تكن بلسان عربي وإنما كان أعجمية وباللسان الفارسي.
وكذلك الصابئة لم تكن بلسان عربي وإنما كان لسانها لسانًا آراميًّا.
وكذلك الوثنية الفكرية لم تكن باللسان العربي وإنما كان لسانها إغريقيًّا رومانيًّا على أساس أن الفلسفة اليونانية كانت لا تعتقد بعقيدة دينية وإنما كانت تؤمن فيما تؤمن بالعقل الإنساني وفكره فحسب، فإذا ما تكلمنا عن الوثنية الفكرية فلا بد للذهن أن يتجه نحو اليونان.
أما الوثنية المنتشرة في العرب فإنها كانت وثنية ساذجة ليس لها مضمون فكري.
وهي أيضا -كما تذكرة الرواية العربية- وفدت إلى العرب على يد عمرو بن لحي حينما جاء "بهبل" من بلاد "البلقان" أيام الإسكندر الأكبر هكذا جاء في المراجع العربية.
فالوثنية العربية -على الرغم من أنها وفدت إلى العرب- كانت وثنية لا تخرج