للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونرجع فنقول: أما تسميتهم صابئة حنفاء فمرد ذلك في نظرنا إلى أنهم وافقوا الحنيفية من حيث العقيدة في التوحيد، ومن حيث الشريعة في بعض مبادئها، لذلك صح تسميتهم بحنفاء.

وفارقوا الحنيفية في إنكارهم أن يكون الوسيط "النبي" بشريًّا.

وقولهم: بوسائط الكواكب لروحانيتها ونورانيتها.

فيقول الألوسي: ولهذا لم تكن الصابئة من الأمم المستقلة التي لها كتاب ونبي، وإن كانوا من أهل دعوة الرسل فما من أمة إلا ولها نبي قد أقام حججه وقطع عنها حجتها؛ لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وتكون حجته عليهم١.

فلكونهم من قوم إبراهيم وأخذوا ببعض دينه، وأعرضوا عن جانب منه أطلق عليهم "صابئة حنفاء" أي فيهم جانب من الفكر الصابئ، وجانب من الدين الحنفي.

فالصابئة الأولى: كان منهم الصابئة الحنفاء، بيد أننا بعد التعرض لشرح تسميتهم نضيف بعض تمايز رأيناه تمايزا مهما هو:

أن الصابئة الأولى: هي التي نشأت بعيدة عن الجزيرة العربية.

ويذكر عن بعض الباحثين:

"إن الصابئة الذين ورد ذكرهم في القرآن سكنوا بلاد العرب ومصر قبل الإسلام، وقبل النصرانية، واليهودية، وقد انقرضوا وعفت أخبارهم فأصبح من المتعذر علينا بيان معتقدهم بالتفصيل"٢.

وصابئة الحنفاء يكونون هم الذين خرجوا من الحنفية العربية إلى تعاليم الصابئة التي وفدت إلى الجزيرة العربية واعتنقتها "سبأ الحميرية" ومن هنا أصبحت صابئية


١ بلوغ الأرب "٢: ٢٢٥".
٢ الصابئة: قديما وحديثا: السيد عبد الرازق الحسيني تقديم أحمد زكي باشا -ط١ المطبعة الرحمانية بمصر ١٩٢٥,

<<  <   >  >>