ليس عندنا من المصادر عن الديانة الفارسية السابقة على "زرادشت" القدر الكافى لإعطائنا عنها صورة واضحة تمكننا من تحليلها على الطريقة العلمية القيمة.
ولكن ما نعرفه في هذا الصدد: هو أن نقوشًا أثرية، يرجع تاريخها إلى القرن الرابع عشر قبل المسيح وجدت في الشمال الغربي من بلاد فارس، ووجدت فيها أسماء آلهة هندية وهى:
- ميتهرا.
- أدرا.
- فارنا.
ولما كان من غير الممكن أن تصل هذه الآلهة الهندية إلى ذلك المكان دون أن تخترق البلاد الفارسية استنتج بعض الباحثين -ونخص منهم بالذكر الأستاذ "دينيس سوريه"- أن للديانة الهندية أثرا عظيمًا على الفارسية الأولى.
ثم يقول الدكتور غلَّاب: ومهما يكن من الأمر فإن تأثر الفارسية بالهندية أمر مقطوع به؛ إذ إننا نجد مثلا في الكتاب الفارسي المقدس أسطورة تحدثنا أن "بيما" هو أول إنسان أطعم أبناءه لحما محرما، ولعله "لحم ثور"؛ ليصيرهم خالدين.
ويلاحظ أن بيما الذي هو أول إنسان عند الفرس هو نفس "باما" أول إنسان في الديانة الهندية١.
هذا من وجهة النظر العامة، وهو لا يبعد عما يفهم من كلام المسعودي الذي نصه:"ويقال أن هذا الرجل أول من أظهر آراء الصابئة من الحرنانيين والكيماريين، وهذا النوع من الصابئة مباين للحرنانيين في نحلتهم".
ولفهم هذا النص ينبغي أن نوضح بصفة عامة: آراء الحرنانيين والكيماريين.
فنقول:
١ يراجع الفلسفة الشرقية: بحوث تحليلية: الدكتور محمد غلاب، مقالات نشرات بمجلة الرسالة سنة ١٩٣٧ السنة الخامسة.