للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أهلها فكانت الغالبية منهم وثنيين يعبدون الكواكب مما دفعهم إلى ملاحظة السماء والتعمق في الدراسات الفلكية١.

فالآراء التي حملها "بوداسف" تتميز بوثنية كوثنية حران، وليست هي آراء حران ولكنها تتفق في الوثنية فقط مع الحرنايين. وديانة "بوذا" من الديانات التي تتميز بالإلحاد ومن أقدمها تلك التي لا تعترف بإله خارج عن عناصره.

ومن هنا نتساءل: ما الإله؟

هل هو العناصر نفسها؟،.. فإذا كان ذلك فلا يكون في الأمر جديد سوى وضع اسم مكان آخر، وإذا كان غيرها ولها هذه الخواص التي نشاهدها فقد ثبت خلوه هو من بعض الخواص الثابتة للعناصر، وهو نقص فيه، وإذا كان كل خواصها لم يكن في حاجة إليها؛ لاتخاذها وسيلة لإيجاد العالم، وإذًا فنحن أمام خلاء من الألوهية يؤيده منطقها٢.

أخذت هذه الآراء عدة تحويرات حتى انتهت إلى "الحلولية" على يد "سانكرا" الذي قرر: أن هذا العالم الظاهر، ليس هو حقيقة الإله إنما هو كائن أدنى محدث، ولكن كل جزئية منه تشتمل على طرف من تلك الحقيقة الإلهية؛ غير أن "سانكرا" لم يكد يعلن هذه الآراء حتى وصفه البراهمة بأنه بوذي، يتقمص جسم "براهمي"، أو زنديق يرتدي ثوب متدين، وكان ذلك موافقا بالمصادفة لأوان الفتح الإسلامي، وعلى بدء تاريخ جديد يبرز للباحثين أثر الإسلام في تلك الأصقاع على صورته الحقيقية، فالإلحاد الوثني يتغلغل في البوذية وتعاليمها وهى أول ديانة -كما تزعم نفسها- تتخلى عن الله ولا تخرجه عن العناصر الكونية.

يقول الدكتور ميزرا مهدى:


١ علوم اليونان وسبل انتقالها إلى العرب. دلاسي أوليرى ترجمة. د. وهيب كامل ص٣.
٢ الفلسفية الشرقية بحوث تحليلية: دكتور محمد غلاب.

<<  <   >  >>