للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وسمي الحنيف من ابتعد واستقام على هديه وسمي المنكث عن ملته بسائر أسماء الملل، فقيل يهودي، ونصراني، ومجوسي وغير ذلك من ضروب الملل.

والآراء الكثيرة المذكورة تتجه وجهتين:

وجهة الاتجاه اللغوي عند العرب، وتعني المائل أو المخالف.

والوجهة الثانية اصطلاحية: وتعني من اتخذ وجهته نحو إبراهيم دينا، من حديث التوحيد أو شريعة من اختتن أو شعائر الحج. ومن حيث المنهج الإسلامى: سوَّى القرآن بين الحنيفية والإسلام والفطرة.

يقرر الشهرستاني١: إن الصبوة في مقابل الحنيفية، فيقول: وكانت الفرق في زمان إبراهيم راجعة إلى صنفين اثنين: حنفاء وصابئة.

ومدار مذهب الصابئة: التعصب للروحانيين.

والصابئة تدعي أن مذهبها هو الاكتساب.

ومدار مذهب الحنفاء هو: التعصب للبشرية الجسمانيين.

والحنفاء تدعي أن مذهبها الفطرة.

وكانوا يقولون: إنا نحتاج في المعرفة والطاعة إلى متوسط من جنس البشر تكون درجته في الطهارة والعصمة والتأييد فوق الروحانيات، ويماثلنا في البشرية، ويمايزنا في الروحانية.

ويتلقى الوحي بطرف الروحانية، ويلقي إلى النوع الإنساني بطرف البشرية.

قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} ٢، وقال: {قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا} ٣، ولقد قررها: إبراهيم، وأطلق عليها: الملة الكبرى، والأنبياء بعده أطلقوا على دينهم وصف الحنيف، ولا سيما القرآن، فالتوحيد كان من أخص أركان الحنيفية، ولهذا يقترن عدم الشرك بكل موضع ذكرت الحنيفية فيه.


١ الملل والنحل ص٦ جـ٢.
٢ سورة الكهف آية ١١٠.
٣ سورة الإسراء آية ٩٤.

<<  <   >  >>