الأطوار، الذي توفي شابًّا على أرض واسعة، وأسس إمبراطورية شاسعة الأرجاء، ذات منافذ على البحر الأحمر، والخليج العربي، وبعد أن استولى على مصر، والهلال الخصيب، فكر في السيطرة على جزيرة العرب، وجعلها جزءًا من إمبراطوريته؛ ليتم له بذلك الوصول إلى سواحل المحيط الهندي، والسيطرة على تجارة "إفريقية، وآسية"، وتحويل ذلك المحيط إلى بحر يوناني.
وقد شرح الكاتب "أريان" المولود سنة ٩٥ ب. م، والمتوفى سنة ١٧٥ ب. م الأسباب التي حملت الإسكندر على التفكير في الاستيلاء على جزيرة العرب وعلى بحارها في الكتاب السابع من مؤلفه Anabasis Alexxandri، فذكر أن هناك من يزعم أن الإسكندر إنما جهز تلك الحملة البحرية؛ لأن معظم القبائل العربية لم ترسل إليه رسلا؛ للترحيب به ولتكريمه فغاظه ذلك.
أما "أريان" فإنه يرى أن السبب الحقيقي الذي حمل الإسكندر على إرسال هذه الحملة يكمن في رغبته في اكتساب أرض جديدة.
وأورد "أريان"١ في كتابه قصة أخرى خلاصتها: أن العرب كانوا يتعبدون لإلهين هما: "أورانوس، ديونيسوس". وجميع الكواكب وخاصة الشمس فلما سمع "الإسكندر" بذلك أراد أن يجعل نفسه الإله الثالث للعرب.
وذكر أيضا: أنه سمع ببخور بلاد العرب وطيبها، وحاصلاتها الثمينة، وبسعة سواحلها، التي لا تقل مساحتها كثيرا عن سواحل الهند، وبالجزر الكثيرة المحدقة بها، وبالمرافئ الكثيرة فيها، والتي يستطيع أسطوله أن يرسو فيها، وببناء مدن يمكن أن تكون من المدن الغنية، وسمع بأشياء أخرى. فهاجت فيه هذه الأخبار الشوق إلى الاستيلاء عليها؛ فسير إليها حملة بحرية للطواف بسواحلها إلى ملتقاها بخليج العقبة.
١ المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام جـ٢ ص٥، أ. د/ جواد علي ط. دار العلم.