للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما ما أورده الباحثون من أن كلمة "عبري" مشتقة من عبر أي قطع نهرًا أو غيره أو من "عابر" أحد أسلاف إبراهيم١، فغير مستند إلى أي دليل أو أساس وهي من قبيل الحدس والاجتهاد، وقد نبه القرآن الكريم إلى هذه الناحية حيث قال تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ، هَا أَنْتُمْ هَؤُلاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ، مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} ٢ [آل عمران: ٦٦، ٦٧] .

ولهاتين الآيتين الشريفتين معنيان؛ المعنى الأول: هو أن إبراهيم ما كان على دين "يهوه إله اليهود بل كان حنيفا مسلما" كما تقدم، والمعنى الثانى: هو أن دور إبراهيم الخليل هو غير دور اليهود، ولا يتصل بدور اليهود الأخير.

يتضح من التنبيه الذي ورد في القرآن الكريم أن هناك من وقع في الخطأ نفسه الذي وقع فيه الكتاب العرب بربطهم عهد إبراهيم الخليل باليهود، وأن هذا التنبيه إلى أن إبراهيم الخليل ظهر قبل وجود اليهود وأنه لا يمكن أن يكون يهوديا ثم الإشارة إلى اتصاله بالجزيرة العربية "بيت الله العتيق" يتفق تمامًا مع ما توصل إليه العلماء في ضوء الاكتشافات الأخيرة، وعلى الباحثين أن يتبعوا ما نبه إليه القرآن الكريم في هذا الموضوع؛ لأن استعمال كلمة عبري بمعنى يهودي عندما يبحث عن تلك الأزمان القديمة لا يتفق مع المستند العلمي التاريخي فضلا عما يحدثه من ارتباك إذ يربط اليهود بأدوار تاريخية قديمة٣.


١ تكوين: "٣٩، ١٤- ١٧، ٤٠-١٥، ٤١-١٢" "خروج ١-١٥-١٦، ١٥-٢، ٧، ١١، ١٣".
٢ وانظر تكوين: "١٠، ٢٤، ١١: ١٤".
٣ فتحى رضوان: "اليهود وبنو إسرائيل" الأهرام "١٧/ ١٠/ ١٩٧٢ص".

<<  <   >  >>