للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صورة الإله، مسكنه في السماء وينزل أحيانا إلى الأرض، فيتفحص الأشكال البشرية، ويكلم البشر بصوت ولفظ ويأكل ويشرب ... إلخ١.

وهكذا كان الإله تصوره اليهود إلها قبليًّا خاصًّا بهم، ويناقش آلهة الأقوام الأخرى ويحارب معهم كما كانت الحال عليه في عصر دويلات المدن في العراق القديم.

ولا يخفى أن دعوة إبراهيم الخليل للوحدانية الخالصة بدأت في العراق وليس من فلسطين وهي موجهة إلى جميع الوثنيين في عصره ولم تخطر ببال إبراهيم الخليل فكرة الشعب المختار، وهي البدعة التي اختلقها مدونو التوراة وأدخلوها في الكتاب المقدس بعد ربطها بابراهيم الخليل؛ إذ لا يمكن أن تكون هذه الادعاءات منزلة من الإله خالق السماوات والأرض الذى دعا إبراهيم الخليل إلى عبادته قبل أن يظهر اليهود بعدة قرون.

لذلك كله تعتبر دعوة إبراهيم الخليل إلى الوحدانية الخالصة أول دعوة عامة للتوحيد بالمعنى الدقيق لمصطلح التوحيد في تاريخ البشرية، وهي عربية لغة ووطنا، كما جاءت بعدها رسالة محمد -عليه الصلاة والسلام- النبي العظيم خاتم الأنبياء، وقد نزلت عليه باللغة العربية أيضا؛ لأن اللغة التي كان يتكلم بها إبراهيم الخليل والآراميون معه في تلك الأزمان هي اللغة العربية الأم التي يرجع وطنها الأصلى إلى الجزيرة العربية، وكانت لغة واحدة تتكلم بها جميع القبائل، وذلك قبل أن تتفرق هذه اللغة الأصلية إلى لهجات مختلفة ضمن كتلة اللغات السامية، وما كان الإسلام إلا ملة إبراهيم حنيفًَا.

يقول الدكتور هوميل: "ومما لا يشك فيه أن اللغة الآرامية في عصر أبرام "إبراهيم الخليل" كانت لهجة عربية، ويقصد هنا اللغة الأصلية التي كان يتكلم بها الأراميون في الجزيرة العربية قبل هجرتهم منها، لأن ما نسميه بالآرامية لم يظهر إلى


١ تصور التوراة الإله كشخص يحارب بنفسه من أجل إسرائيل "خروج ١٤: ١٤ يشوع ١٠: ٤٢، ٢٣، ٣" وله رجلان ويمشى كالإنسان "خروج ٢٤: ١٠" ويكتب بأصبعة "خروج ٣١: ١٨، ٢٣: ١٢- ١٦ ١٩، ٣٤" ويندم على بعض أعماله "١ صموئيل ١٣- ١٤ إلخ..".

<<  <   >  >>