لحوم هداياهم فيمن حضرها وكان عندها، وتخصها بالإعظام، وسدنة العزى: بنو شبيان ابن جابر بن مرة من بني سليم، وكان آخر من سدنها منهم دبية بن حرمي السلمي.
فلم تزل العزى كذلك حتى بعث الله نبيه فعابها وغيرها من الأصنام ونهاهم عن عبادتها ونزل القرآن فيها:{أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى، وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى، أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى، تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى، إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ}[النجم: ١٩-٢٣] .
فاشتد ذلك على قريش، ومرض أبو أحيحة مرضه الذي مات فيه، فدخل عليه أبو لهب يعوده فوجده يبكي، فقال: ما يبكيك يا أبا أحيحة؟ أمن الموت تبكي ولا بد منه؟ قال: لا؛ ولكني أخاف ألا تعبد العزى بعد.
فقال أبو لهب: والله ما عبدت في حياتك لأجلك، ولا تترك عبادتها بعد لموتك.
وكانت للعزى شيطانة تأتي ثلاث سمرات ببطن نخلة فلما فتح النبي مكة بعث خالد بن الوليد فقال له:"ايت بطن نخلة، فإنك تجد ثلاثا سمرات، فاعضد الأولى"، فأتاها فعضدها، فلما جاء إليه، قال:"هل رأيت شيئا؟ " قال: لا قال: "فأعضد الثانية"، فأتاها فعضدها، ثم أتى النبي فقال:"هل رأيت شيئا؟ " قال لا: فقال: "فاعضد الثالثة"، فأتها فإذا بحبشية نافشة شعرها، واضعة يديها على عاتقها تصرف بأنيابها وخلفها دبية وكان سادنها.
فلما نظر إلى خالد قال:
أعزاه شدي شدة لا تكذَّبي ... على خالد ألقي الخمار وشَمِّرِي
أيا عز إن لم تَقتلي المرء خالدًا ... فبوئي بإثم عاجل أو تنصَّرِي