سماع الآياتِ، بسماع الأبياتِ. وعن تدبُّرِ معاني التنزيلِ، بسماع الأصواتِ.
قال عثمانُ بنُ عفانَ - رضي الله عنه -: لو طهُرتْ قلوبكم ما شبعتُم من كلامِ ربكم.
وفي حديث مرسل: "إنَّ هذه القلوبَ تصدَأُ كما يصدا الحديد"، قيل: فما
جلاؤُه؛، قالَ: "تلاوةُ كتابِ اللهِ ". وفي حديث آخرَ مرسلٍ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، خطبَ بعدما قدِمَ المدينةَ، فقال:
"إن أحسنَ الحديثِ كتابُ اللهِ، قد أفلحَ منْ زينه اللهُ في قلبِهِ، وأدخلَهُ في الإسلامِ بعد الكفرِ؛ واختارَهُ على ما سواهُ من أحاديث الناسِ.
إنه أحسنُ الحديثِ وأبلغُه، أحِبُّوا ما أحبَّ الله، أحِبُّوا الله من كلّ قلوبكِم ".
وقالَ ميمونُ بن مِهرانَ: إنّ هذا القرآنَ قدْ خلق في صدُورِ كثيرٍ من الناسِ.
والتمسوا حديثًا غيره، وهو ربيعُ قلوبِ المؤمنينَ، وهو غضٌّ جديدٌ في
قلوبِهِم.
وقال محمدُ بنُ واسع: القرآنُ بستانُ العارفينَ حيثما حلُّوا منه، حلُّوا
في نزه!.
وقال مالكُ بنُ دينار: يا حملةَ القرآنِ ماذَا زرعَ القرآنُ في
قلوبِكم؟!
فإنَّ القرآنَ ربيعُ المؤمنينَ، كما أنَّ الغيثَ ربيعُ الأرضِ، فقد ينزلُ
الغيثُ من السَّماءِ إلى الأرضِ، فيُصيبُ الحشَّ فتكونُ فيه الحبَّةُ، فلا يمنعُها
نتن موضعِهَا أن تهتزَّ وتخضرَّ وتحسُن.
فيا حملَة القرآنِ، ماذا زرعَ القرآنُ في قلوبِكُم؟
أين أصحابُ سورة؛ أينَ أصحابُ سورتين؟! ماذا عملتم فيهما.
وقال الحسن: تففدُوا الحلاوةَ في الصّلاةِ، وفي القرآنِ، وفي الذكرِ.
فإنْ وجدتمُوها فامضُوا وأبشِرُوا، وإنْ لم تجدُوها فاعْلمُوا أنَّ البابَ مغلق.
اسمعْ يا منْ لا يجدُ الحلاوةَ في سماع الآياتِ، ويجدها في سماع الأبياتِ.
في حديث مرفوع:
"منِ اشْتاقَ إلى الجنة فليسْمَعْ كلامَ اللهِ ".
كان داودُ الطّائيُّ يترنمُ بالآيةِ في الليلِ، فيرى من سمعهُ أن جميعَ نعيم الدنيا جُمِعَ في ترنُّمه.