خرَّجه ابنُ جريرٍ، وابنُ أبي حادمٍ.
وروى عبدُ الرزاقِ، عن جعفرِ بنِ سليمانَ، عن عوفٍ، عن الحسنِ، قال:
سالَ أصحاب رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - رسولَ اللَّه - صلى الله عليه وسلم -: أين ربُّنا؟ فأنزلَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: (وَإِذَاْ سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيب) .
وروى عبدُ بنُ حميدٍ بإسنادِهِ، عن عبدِ اللَّهِ بنِ عبيدِ بنِ عميرٍ، قالَ:
نزلتْ هذهِ الآية ُ: (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) ، قالُوا: كيفَ لنا بهِ أن نلقَاهُ
حتى ندعُوه؟ فأنزلَ اللَّهُ عز وجل على نبيِّه - صلى الله عليه وسلم -: (وَإِذَا سَألَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيب أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ) .
فقالُوا: صدَق ربُّنا، هوَ بكلِّ مكانِ.
وقَد خرَّج البخاريُّ في "الدعوات " حديثَ أبي مُوسى، أنَهم رَفَعُوا
أصواتَهُم بالتكبير، فقالَ لَهُم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -:
"إنَّكم لا تدعونَ أصمَّ ولا غائبًا، إنَّكم تدعون سميعًا قريبًا".
وفي روايةٍ: "إنَّه أقربُ إليكُم من أعناقِ رواحِلِكُمْ ".
ولم يكنْ أصحابُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - يفهمونَ من هذهِ النصوصِ غيرَ المعنى الصحيح المرادِ بها، يستفيدونَ بذلكَ معرفةَ عظمةِ اللَّهِ وجلالِهِ، واطلاعِهِ على عبادِهِ وإحاطتِهِ بهم، وقربِه من عابديهِ، وإجابتِه لدعائهِم، فيزدادونَ به خشيةً للَّهِ وتعظيمًا وإجلالاً ومهابةً ومراقبةً واستحياءً، ويعبدونَهُ كأنَّهم يرونَه.
ثم حدث بعدَهُم مَن قلَّ ورعُهُ، وساءَ فهمُهُ وقصدُهُ، وضعفت عظمةُ اللَّه
وهيبتُهُ في صدره، وأرادَ أن يُري الناسَ امتيازَهُ عليهم بدِقةِ الفهمِ وقوةِ النظرِ.