(وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) ، وقوله: (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ) .
وتارةً يذكرُ أن اللَّهَ يغفرُ لمن استغفرهُ، كقولِهِ: (وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا (١١٠) .
وكثيرًا ما يُقرن الاستغفارُ بذكر التوبةِ، فيكونُ الاستغفارُ حينئذٍ عبارةً عن
طلبِ المغفرةِ باللسانِ، والتوبةُ عبارةٌ عن الإقلاع عن الذنوبِ بالقلوبِ
والجوارح.
وتارةً يفردُ الاستغفارُ، ويُرتَّبُ عليه المغفرةُ، كما ذكرَ في هذا الحديثِ وما
أشبههُ، فقد قيلَ: إنَه أريدَ به الاستغفارُ المقترنُ بالتوبةِ، وقيلَ: إنَّ نصوصَ
الاستغفارِ المفردةَ كلَّها مطلقةٌ تُقيَّدُ بما يذكر في آيةِ "آلِ عمرانَ " من عدمِ
الإصرارِ؛ فإنَّ اللَّه وعدَ فيها المغفرةَ لمن استغفرَهُ من ذنوبِهِ، ولم يُصِرَّ على
فعلِهِ، فتُحْمَلُ النُصوصُ المطلقةُ في الاستغفارِ كلها على هذا المقيد.
ومجرَّدُ قولِ القائل: اللَّهُمَّ اغفر لي، طلبٌ منه للمغفرةِ ودعاءٌ بها، فيكونُ
حكمُهُ حكمَ سائرِ الدعاءِ، فإنْ شاءَ اللَّهُ أجابه وغفرَ لصاحبِهِ، لا سيما إذا
خرجَ عن قلبِ منكسرٍ بالذنبِ أو صادفَ ساعةً من ساعاتِ الإجابةِ كالأسحارِ وأدبارِ الصلواتِ.
ويُروَى عن لُقمانَ عليه السلامُ أنّه قالَ لابنِه: يا بنيَّ عَوِّدْ لسانكَ اللَّهمَّ
اغفرْ لي، فإنَّ للَّهِ ساعاتٍ لا يَرُدُّ فيها سائلاً.
وقال الحسنُ: أكثِروا من الاستغفارِ في بيوتِكم، وعلى موائِدكم، وفي
طُرقِكُم، وفي أسواقِكُم، وفي مجالسِكُم أينما كُنتُم، فإنَّكم ما تدرونَ متى
تنزلُ المغفرةُ.