للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخرَّج ابن أبي الدنيا في كتاب " حسنِ الظنِّ " من حديثِ أبي هريرةَ

مرفوعًا: "بينما رجلٌ مستلقٍ إذْ نظرَ إلى السماءِ وإلى النجومِ، فقال: إني لأعلمُ أن لكِ ربًّا خالِقًا، اللَّهُمَّ اغفرْ لي، فغفرَ له ".

وعن مُوَرِّقٍ قالَ: كانَ رجلٌ يعملُ السيئاتِ، فخرجَ إلى البريةِ، فجمعَ

ترابًا، فاضطجَعَ عليه مستلقيًا، فقالَ: ربِّ اغفرْ لي ذنوبي، فقالَ: إنَّ هذا

ليعرفُ أنَّ له ربَّا يغفرُ ويعذِّب، فغفرَ له.

وعن مُغيثِ بنِ سُميٍّ، قالَ: بينما رجلٌ خبيثٌ، فتذكر يومًا، فقال: اللَّهمَّ

غُفرانَك، اللَّهمَّ غفرانَك، اللَّهمَّ غفرانَك، ثم ماتَ فغُفِر له.

ويشهد لهذا ما في "الصحيحينِ " عن أبي هريرةَ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "أنَّ عبدًا أذنَبَ ذنبا، فقالَ: ربِّ أذنبتُ ذنبًا فاغفرْ لي.

قالَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: عَلِمَ عبدي أنَّ له ربًّا يغفر الذنب، ويأخذُ به، غفرتُ لعبدِي، ثمَّ مكثَ ما شاء الله، ثم أذنبَ ذنبًا آخر فذكرَ مثل

الأولِ مرتينِ أُخريينِ "

وفي روايةٍ لمسلمٍ أنه قالَ في الثالثةِ: "قد غفرتُ لعبدِي، فليعملْ ماشاءَ".

والمعنى ما دامَ على هذه الحالِ كلَّما أذنبَ استغفرَ.

والظاهرُ أنَّ مرادَهُ الاستغفارُ المقرونُ بعدم الإصرارِ، ولهذا في حديثِ أبي بكرٍ الصديقِ - رضي الله عنه -، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال:

"ما أصرَّ من استغفرَ وإن عادَ في اليوم سبعين مرّة"

وخرَّجه أبو داودَ والترمذيُّ.

وأمَّا استغفارُ اللسانِ معَ إصرارِ القلبِ على الذنبِ، فهو دُعاءٌ مجرَّدٌ إنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>