قال الفُضيلُ: واللَّه لو يئستَ من الخلقِ حتَّى لا تريدَ منهم شيئًا، لأعطاكَ
مولاكَ كُلَّ ما تُريد.
وذكر إبراهيمُ بنُ أدهم عن بعضِهم، قال: ما سألَ السائلون مسألةً هي
ألحفُ منْ أن يقولَ العبدُ: ما شاء اللَّهُ، قال: يعني بذلك التَّفويضَ إلى اللَّه
عزَ وجلَ.
وقال سعيدُ بنُ سالمٍ القداح: بلغني أنَّ موسى عليه السلامُ كانتْ له إلى
اللَّهِ حاجةٌ، فطلبَها، فأبطاتْ عليه، فقال: ما شاء اللَّه، فإذا حاجتُه بيْنَ
يديه، فعجبَ، فأوحى اللَّهُ إليه: أما علمتَ أنَّ قولَك: "ما شاءَ اللَهُ " أنجحُ ما طُلِبتْ به الحوائج.
وأيضًا فإنَّ المؤمنَ إذا استبطأ الفرَجَ، وأيسَ منه بعدَ كثرةِ دعائِهِ، وتضرُّعِه.
ولم يظهرْ عليه أثرُ الإجابةِ يرجعُ إلى نفسِهِ باللائمةِ، وقال لها: إنَّما أُتيتُ من
قِبَلكِ، ولو كان فيكِ خير لأُجِبتُ، وهذا اللومُ أحبُّ إلى اللَّه من كثيرٍ من
الطًّاعاتِ، فإنَّه يُوجبُ انكسارَ العبدِ لمولاهُ واعترافَهُ له بأنَّه أهل لما نزلَ به من
البلاءِ، وأنه ليسَ بأهل لإجابةِ الدعاءِ، فلذلك تُسرعُ إليه حينئذ إجابةُ الدعاء وتفريجُ الكربِ، فإنه تعالى عندَ المنكسرةِ قلوبُهم من أجلِه.
قال وهبٌ: تعبَّدَ رجل زمانًا، ثمَّ بدت له إلى اللَّهِ حاجةٌ، فصامَ سبعينَ
سبتًا، يأكلُ في كُلِّ سبتٍ إحدى عشرةَ تمرةً، ثم سألَ اللَّهَ حاجتَهُ فلم يُعطَها، فرجعَ إلى نفسِهِ فقال: منكِ أُتيتُ، لو كان فيكِ خير أعطيتِ حاجتَك، فنزلَ إليه عندَ ذلك ملَكٌ، فقال: يا ابنَ آدمَ ساعتُك هذه خير من عبادتِك التي مضت، وقد قضى اللَّه حاجتَك.