للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قولِ النبى - صلى الله عليه وسلم - في خطْبَتِهِ: "إن عبْدًا خير بينَ الدنيا وبين لقاءِ ربهِ، فاختارَ لقاءَ رِّبهِ ".

وقدْ سَبَقَ مِنْ حديثِ ابنِ عباسٍ ما يدل على ذلكَ.

وفي "صحيح البخاريِّ " مِنْ حديثِ سعيدِ بنِ جبيرٍ عنْ ابنِ عبَّاسٍ قالَ:

كانَ عمرُ يُدخِلُني مَعَ أشياخ بدرٍ فكان بعضَهُم وجَدَ في نفسهِ فقالَ: لِمَ

تُدْخلُ هذا مَعَنَا ولنا أبناءٌ مثلُه؟

فقالَ عمرُ: إنَه ممِّن قَدْ عَلِمتم، فدعاهُم ذاتَ

يومٍ فأدْخَلَهُ معهُم، فما رأيتُ أنَّه دَعَاني فيهِم يومئذٍ إلا لِيُريَهم، فقالَ: ما

تقولونَ في قولِ اللهِ عزَّ وجلَّ: (إِذَا جَاءَ نَصْر اللَّهِ وَالْفَتْحُ) ؟

فقالَ بعضُهُم: أمِرنا أنْ نحْمِدَ اللَّهَ ونستَغْفره إذا جاءَ نصرُنا وفتِحَ عليْنَا، وسكتَ بعضُهُم فلمْ يَقل شيئًا!

فقال لي: أكذاكَ تقولُ يا ابنَ عباسٍ؟

فقلت: لا، قال: ما تقولُ؟

قلتُ: هو أجلُ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أعْلَمَهُ لهُ قالَ:

(إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفتحُ) فذاكَ علامَةُ اجَلِكَ، (فَسَبِّحْ بِحَمْد رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوَّابًا) فقالَ عمرُ بنُ الخطاب: ما أعلمُ منها إلا ما تقول وقد رُويتْ هذه القصةُ عن ابن عباسٍ منْ غيرِ وجهٍ.

وفي "المسندِ" عنْ أبي رزينٍ عن ابنِ عباسٍ قالَ: لمَّا نزلتْ:

(إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ) عَلِمَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أنَه قد نُعيتْ إليه نفسُه.

وقد سَبقَ منْ حديثِ ابنِ عباسٍ أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لمَّا نَزَلتْ هذه السورةُ أخذَ في أشدِّ ما كانَ اجتهادًا في أمرِ الآخرةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>