الذي لا كفوَ له ولا نظيرَ فيمتنعُ أنْ يكونَ له صاحبة.
والتولُّدُ إنَّما يكونُ بين شيئينِ، وكونُه تعالى أحَدًا، ليسَ أحدٌ كفوًا له
يستلزمُ أنَّه لم يلدْ ولم يولدْ، لأنَّ الوالدَ والولدَ متماثلانِ متكافئانِ، وهو
تعالى أحد لا كفوَ له.
وأيضًا فالتولُّد يحتاجُ إلى زوجة وهي مكافئةٌ لزوجِهَا مِنْ وجهٍ، وذلك
أيضًا ممتنعٌ.
ولهذا قال تعالى: (أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ) .
وقد فَسَّر مجاهدٌ "الكفوَ" هَاهُنا بالصَّاحبةِ.
وأما الثاني؛ وهو: انفصالُ المادة فنفاهُ - سبحانه - بأنَّه الصمدُ، وهُوَ المتولدُ مِنْ أصلينِ، ربما يتكونُ منْ جزئينِ يَنْفصلانِ منْ الأصلينِ، كتولُّدِ الحيوانِ منْ أبيه وأمِّه بالمنيِّ الذي ينفصلُ منهُما، وكالنَّارِ المتولدةِ منْ بينِ الزِّندينِ سواءٌ كانا خشبينِ أو حجَرَينِ أو حَجَرًا وحديدًا.
وهو - سبحانه - صمد لا يخرجُ منهُ شيءٌ منفصل عنه.
والحيوانُ نوعانِ: متوالدٌ: وهوَ ما ولَدُهُ منْ جنسِهِ، وهو الإنسانُ وما يُخلقُ
منْ أبوينِ منَ البهائم والطيرِ وغيرِهِما.
ومتولِّدٌ: وهوَ ما يُخْلَقُ منْ غيرِ جنسِهِ كدودِ الفاكِهَةِ والخلِّ، وكالقَمْلِ
المتولدِ من الوَسَخ، والفارِ والبراغيثِ وغيرِ ذلكَ ممَّا يُخلَق منَ التَّرابِ والماء.
وإنَّما يتولدُ منْ أصلينِ أيْضًا كما خُلِقَ آدمُ من ترابٍ وماء.
وإلا فالترابُ المحضُ الذي لم يَخْتَلِطْ به ما لا يُخلقُّ مَنه شيءٌ لا حيوانَ
ولا نباتَ، والنباتُ جميعُه إنَّما يتولدُ منْ أصلينِ أيْضًا.