مع دلالةِ قولِهِ: (قلْ هُوَ اللَّه أَحَدٌ) على ذلكَ، لأنَّ أحَدِيتهُ تقتضِي أنَّه متفردٌ
بذاتِه، وصفاتِهِ، فلا يشاركُهُ في ذلكَ أحدٌ.
والثاني: نفْيُ النقائصِ والعيوبِ،، وقد نفَى منها التولُّدَ منَ الطرفينِ.
وتضَمَّنتْ إثباتَ جميعَ صفاتِ الكمالِ بإثباتِ الأحديّةِ، فالصمديّةُ تُثبتُ
الكمالَ المنافيَ للنقائصِ، والأحديّةُ تُثْبِتُ الانفرادَ بذلك. فإنَّ الأحديةَ تَقْتضِي
انفرادَهُ بصفاتِهِ وامتيازَهُ عَنْ خَلْقِهِ بذاتِهِ وصفاتِهِ، والصمديةُ إثباتُ جميع
صفاتِ الكمالِ ودوامِهَا وقِدَمِهَا، فإنَّ السيدَ الذي يُصْمَدُ إليه لا يكونُ إلا
مُتَّصِفًا بجميع صفاتِ الكمالِ الَّتي استحقَّ لأجْلِهَا أنْ يكونَ صَمَدًا، وأنَّه لمْ
يزلْ كذلك ولا يزالُ، فإنَّ صمديتَهُ مِنْ لوازمِ ذاتهِ لا تنفكُّ عنهُ بحالٍ.
ومنْ هُنا فُسِّر الصمدُ بالسيدِ الذي قَدْ انتهى سؤُددُه، وفَسَّرَهُ عكرمةُ: بالذي لَيْسَ فوقَهُ أحدٌ.
ورُويَ عَنْ عليٍّ وعنْ كَعْبٍ أَنَّه: الَّذي لا يكافِئُه أحدٌ في خَلْقِهِ.
وعنْ أبي هريرةَ قالَ: هو المُسْتَغِني عَنْ كُلِّ أَحَدٍ، المحتاجُ إليه كُلُّ أحدٍ.
وعنْ سعيدِ بن جبيرٍ قالَ: هو الكاملُ في جميع صفاتِهِ وأفعالِهِ.
وعَنِ الربيع قالَ: هوَ الذي لا تعْتريهِ الآفاتُ.
وعنْ مقاتلِ بنِ حيانَ قالَ: هوَ الذي لا عَيْبَ فِيهِ.
وعنْ ابنِ كيسانَ: هوَ الذي لا يُوصفُ بصفَتِهِ أحدٌ.
وعنْ قتادةَ: الصمدُ: البَاقِي بَعْدَ خَلقِه، وعَنْ مجاهدٍ ومَعْمَرٍ: هُوَ الدائمُ.
وعَنْ مُرَّةَ الهمدانيِّ: هوَ الَّذي لا يَبْلى ولا يَفْنى.