للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سؤالٌ آخرُ: كيفَ نَفَى أنْ يكونَ مولودًا ولم يعتقدْه أحَد؟

جوابُهُ: مِنْ وجهينِ، أحدُهُما: أَنَّهم سألوا عَمن وَرِثَ الدنيا ولِمنَ يورِّثُها.

وهذا يُشعرُ بأن منهُم منْ اعتقدَ ذلكَ.

والثاني: أنه نفى عَنْ نفسِهِ سبحانه خصائصَ آلهةِ المشركينَ فإنَّ منْهمُ مَنْ

عبدَ المسيحَ، ومنْهُم منْ عبَدَ العزيرَ وهُمَا مولودانِ، ومنْهُم مَنْ عبدَ الملائكةَ

والعجلَ وهيَ متولدات، وقد تقدَّم أن نفيَ الولادةِ تدلُّ علَى نفي المتولدِ بطريقِ الأَوْلى.

فائدةٌ: قالَ ابنُ عطيةَ: (كفُوًا) خبرُ كانَ، واسمُهَا (أَحَدٌ) ، والظرفُ

مَلغي، وسيبويه يستحسن أنْ يكونَ الظرفُ إذا تقدَّم خبرًا.

ولكنْ قَدْ يجيءُ مُلْغى فى أماكنَ يقتَضِيَها المعنى كهذِهِ الآيةِ، وكقولِ

الشاعرِ أنشدَهُ سيبويه:

ما دامَ فيهنَّ فَصِيلٌ حيًّا

ويُحتملُ أن يكونَ: (كفوًا) حالاً لما قُدِّمَ مِنْ كونِهِ وصفًا للنكرةِ كَمَا قالَ

كثير لعزَّةَ:

لميةَ موحِشًا طَلَلُ

قالَ سيبويه: وهذا نَقْل في الكلامِ وبابُهُ الشِّعرُ.

فهذه السورةُ تتضمنُ انفرادَهُ ووحدانيتَهُ، وائه منقطعُ النظيرِ، وأنَّهُ إنما نُزِّهَ

عن أنْ يكونَ من أجناسِ المخلوقاتِ، لأنَّ أفرادَ كُل جنسٍ مِنْ هذهِ الأجناسِ

متكافئة مماثلة، فالذهبُ يكافئُ الذهبَ، والإنسانُ يكافئُ الإنسانَ ويزاوجُهُ.

ولهذا قالَ تعالَى: (وَمِن كُلِّ شَيْء خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ) ، فمَا مِنْ مخلوقٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>