إلا وله كفؤ، هو زوجُهُ، ونظيرُهُ، وعدلُهُ، ومثيلُهُ، فلوْ كانَ الحقُّ مِنْ جنسِ
شيءٍ منْ هذهِ الأجناسِ لكانَ له كفوٌ وعدلٌ، وقدْ عُلِمَ انتفاؤُهُ بالشرع
والعقلِ.
فهذه السورةُ هِيَ نسبُ الرحمنِ وصفتُه، وهيَ التي أنزلَهَا اللَهُ في نفي مَا
أضافَ إليه المبطلونَ من تمثيل، وتجسيم، وإثباتِ أصل وفرع، فدخَلَ فيها ما
يقولُه مَنْ يقولُ من المشركينَ، والصابئةِ، وأهلِ الكتابِ، ومن دخلَ فيهم من منافِقِي هذهِ الأمةِ من تولدِ الملائكةِ أوِ العقولِ، أوِ النفوسِ، أوِ بعضِ الأنبياءِ، أو غيرِ الأنبياءِ.
ودخلَ فيها ما يقولُه مَنْ يقولُ من المشركينَ وأهلِ الكتابِ من تولدِهِ عن
غيرِه كالذينَ قالُوا في المسيح: إنَّه اللَهُ، والذينَ يقولونَ في الدجالِ: إنَهُ اللَّهُ، والذين يقولون ذلك في عليٍّ وغيرِه.
ودخلَ ما يقولُه من يقولُ من المشركينَ وأهلِ الكتابِ من إثباتِ كفوٍ له في
شيءٍ من الأشياءِ، مثل من يجعلُ له بتشبيهِهِ، أو بِتَجْسيمِهِ، كفوًا له أو يجعلُ
لَهُ بعبادةِ غيرِه كُفؤا، أو يجعلُ لَهُ بإضافةِ بعضِ خلقِهِ إلى غيرِه كُفوًا فلا كفوَ
لهُ في شيءٍ من صفاتِهِ، ولا في ربوبيتِهِ ولا في إلاهيته.
فتضمنتْ هذه السورةُ تنزيهُهُ، وتقديسُهُ، عَنِ الأصولِ والفروع، والنظراءِ.
والأمثالِ.
وليسَ في المخلوقاتِ شيءٌ ألا ولا بدَّ أنْ يُنسبَ إلى بعضِ هذه الأعيانِ
والمعانِي، فالحيوانُ من الآدمي وغيرِه لا بدَّ أنْ يكونَ له إما والد، وإمًّا مولودٌ، وإمَّا نظيرٌ هو كفؤُه، وكذلك الجنُّ، والملائكةُ، كما قالَ تعالى: