وخرَّج ابنُ أبي حاتمٍ في "تفسيره"، من روايةِ أبي جعفرَ، عن الربيع بن
أنسٍ، عن أبي العاليةِ، قال: كانَ أصحابُ رسولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يرونَ أنه لا يضرّ مع الإخلاص ذنبٌ، كما لا ينفعُ مع الشركِ عملٌ صالحٌ، فأنزلَ الله عزَّ وجلَّ: (يَا أَيهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعوا اللَّهَ وَأَطِيعوا الرَّسولَ وَلا تبْطِلُوا أَعْمَالَكمْ) .
فخافُوا الكبائرَ بعدُ أن تحبطَ الأعمالَ.
وبإسنادهِ، عن الحسنِ، في قولِهِ: (وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ) ، قال: بالمعاصي.
وعن معمرٍ، عن الزهري، في قولِهِ تعالى: (وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُم) قال:
بالكبائر.
وبإسنادِهِ، عن قتادةَ، في هذه الآيةِ، قال: من استطاعَ منكم أن لا يبطلَ
عملاً صالحًا عملَه بعملٍ سيئٍ فليفعلْ، ولا قوةَ إلا باللَّهِ، فإن الخير ينسخُ
الشرَّ، وإن الشرَّ ينسخُ الخير، وإن مِلاكَ الأعمالِ خواتيمُها.
وعن السّدِّيِّ، قال في هذه الآية: يقول: لا تعصوا الرسولَ - صلى الله عليه وسلم - فيما يأمرُكم به من القتالِ، فتبطل حسناتُكم
وعن مقاتلِ بنِ حيان، قال: بلغَنَا أنها نزلتْ فشقَّت على أصحابِ النبيِّ
- صلى الله عليه وسلم - وهم يومئذ يروْنَ أنه ليس شيءٌ من حسناتِهِم إلا هي مقبولةٌ، فلما نزلتْ هذه الآيةُ، قال أبو بكرٍ:
ما هذا الذي يبطلُ أعمالنا؟ فبلغني - واللهُ أعلمُ -
أنهم ذكروا الكبائرَ التي وجبتْ لأهلها النارُ، حتى جاءت الآيةُ الأخرى: (إِنَّ
اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ) .
فقال ابنُ عمرَ: لما جاءتْ هذه الآية ُ، كفَفْنا عن القولِ في ذلك، وردَدْنا إلى اللَّهِ عزَّ وجلَّ،