وكنا نخافُ على من رَكبَ الكبائرِ والفواحشَ أنها تهلكُه.
والآثارُ عن السلفِ في حبوطِ بعضِ الأعمالِ بالكبيرةِ كثيرة جدًّا، يطولُ
استقصاؤها.
حتَّى قالَ حذيفةُ: قذفُ المُحْصنةِ يَهدِمُ عملَ مائة سنةٍ.
وخرَّجه البزار عنه مرفوعًا.
وعن عطاءٍ، قال: إنَّ الرجل ليتكلَّمُ في غضبِهِ بكلمةٍ، يهدِم بها عملَ
ستينَ سنةٍ، أو سبعينَ سنةٍ.
وقال الإمامُ أحمدُ - في روايةِ الفضلِ بنِ زيادٍ، عنه -: ما يؤمنُ أحدُكم
أن ينظرَ النظرةَ، فيحبطَ عملُه.
وأمَّا مَن زعم أن القولَ بإحباطِ الحسناتِ بالسيئاتِ قولُ الخوارج والمعتزلةِ
خاصةً، فقد أبطلَ فيما قال، ولم يقفْ على أقوالِ السلفِ الصالح في ذلك.
نعم، المعتزلةُ والخوارجُ أبطلُوا بالكبيرةِ الإيمانَ كلَّه، وخلَّدُوا بها في النارِ.
وهذا هو القولُ الباطلُ، الذي تفرَدُوا به في ذلك.
ثم خرَّج البخاريُ في هذا البابِ حديثينِ:
أحدُهما: حديث: شُعْبةَ، عن زُبيدٍ، قالَ: سألتُ أبا وائل عن المُرْجئة؟
فقالَ: حدَّثني عبدُ اللَّهِ، أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "سبابُ المسلم فُسُوقٌ وقِتالُهُ كفرٌ".
فهذا الحديثُ ردَّ به أبو وائلٍ على المرجئةِ، الذي لا يُدخلون الأعمالَ في