للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المؤمنينَ في الجنةِ، وقال حنبل في موضع آخرَ: قال: عمومُ أرواح المؤمنينَ في

الجنةِ، وأرواحُ الكفارِ في النارِ، والأبدانُ في الدنيا يعذِّبُ اللَّهُ من يشاءُ.

ويرحمُ من يشاءُ بعفوهِ.

قال أبو عبدِ اللَّهِ: ولا نقولُ إنهما يفنيانِ، بلْ هُما على علم الله باقيتانِ.

يبلغُ اللَّهُ فيهما عملَه، نسأل اللَّهَ التثبيتَ وأن لا يُزِيغَ قلوبنا بعد إذ هدانا.

وقولُهُ: ولا نقولُ: هما يفنيانِ، يعني الجنةَ والنارَ، فإن في أولِ الكلامِ عن

حنبلٍ، أن أبا عبدِ اللَّهِ حكى قصةَ ضرار، وحكايتَه اختلافَ العلماءِ في خلقِ

الجنةِ والنارِ، وأن القاضيَ الجمعي أهدر دمَ ضرار، فلذلكَ استخفَى إلى أن

ماتَ. وأن أبا عبدِ اللَّه، قالَ: هذا كفرٌ، يعني القولَ بأنهما لم يُخْلَقَا بعدُ.

قال حنبل: وسألتُ أبا عبدِ اللَّهِ، عمَّن قالَ: إنْ كانتا خلِقَتَا فإنهما إلى

فناء، ثمَّ ذكرَ هذا الجوابَ عن أحمدَ.

ولا يصحُّ أن يقالَ: إنَّ أحمدَ إنما نفى الفناءَ عنهُما معًا، فيصدق ذلك بأن

تكونَ الجنةُ وحدها لا تَفْنى لأنَّ ما بعدَ هذا مبطلٌ لهذا التأويلِ، وهو قوله:

بلْ هما على علم اللَّهِ باقيتانِ. فإنَّ هذا ينفي ذلك الاحتمالَ والتوهمَ، ويثبتُ

لهما البقاءُ معًا، وهذا كما تقولُ: زيدٌ وعمرُ ولا يعلمانِ، فهذا قد يحتمل أن

يرادَ به نفي العلم عنهُما جميعًا دونَ أحدِهما، فإذا قلتَ بعدَ ذلك: بل هُما

جاهلانِ، زالَ ذلك الاحتمالُ، وأثبتَ الجهلَ لهما جميعًا، وأيضًا فلا يقعُ

استعمالُ نفي عن شيئينِ والمرادُ نفيُ اجتماعهما خاصةً، إلا معَ - صلى الله عليه وسلم - بَيَّنَ ذلك في سياقِ الكلامِ، أو عن لفظٍ يدلُّ عليه، فأمَّا مع الإطلاقِ فلا يقع ذلكَ، بل لا يجوزُ استعمالُهُ مع الإيهامِ، كما لا يُقالُ: الجنةُ والنارُ لا يفنيانِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>