بالفرضِ، كما يَرِثُ ولدُ الأمِّ مع الأمِّ بالفرضِ.
وقد قيلَ: إنَّ هذا مشيّ على قولِهِ: "إنَّ الكلالة من لا ولدَ له خاصّة".
ولا يُشترط للكلالةِ فقْدُ الوالدِ، فيرثُ الإخوةُ مع الأبِ بالفرضِ.
ومن العلماءِ المتأخرين من قالَ: إذا كانَ الإخوةُ محجوبينَ بالأبِ، فلا
يَحجُبُون الأمَ عن شيءٍ، بل لها الثُّلثُ، ورجَّحَهُ الإمامُ أبو العباسِ ابنِ تيميةَ
رحمة اللَّهِ عليه، وقد يُؤخذُ من عمومِ قولِ عمرَ - رضي الله عنه - وغيره من السَّلف: من لا يرثُ لا يَحجبُ، وقد قالَ نحوَه أحمدُ والخِرَقي، لكن أكثرَ العلماءِ يحملونَ ذلكَ على أنَّ المرادَ منْ ليسَ له أهليّةُ الميراث بالكليَّة ِ كالكافرِ والرقيقِ، دونَ من لا يرثُ لانحجَابِهِ بمنْ هو أقربُ منه، واللًّهُ أعلم.
وقد يشهدُ للقولِ بأن الإخوةَ إذا كانُوا محجوبينَ لا يحجُبونَ الأمَّ أنَّ اللَّهَ
تعالى قال:(فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ) ، ولم يدْكرِ الأبُ، فدلَّ
على أنَّ ذلك حكمُ انفرادِ الأم مع الإخوةِ، فيكون الباقي بعد السدسِ كلِّه
لهم، وهذا ضعيفٌ، فإن الإخوةَ قد يكونون من أمٍّ، فلا يكون لهم سوى
الثلث، واللَّهُ تعالى أعلمُ.
واعلم أن اللَّهَ تعالى ذكرَ حُكْمَ ميراثِ الأبوين، ولم يذكر الجَدَّ ولا الجَدةَ.
فأما الجدةُ، فقد قال أبو بكرٍ الصديقُ وعمرُ بنُ الخطابِ - رضي الله عنهما -: إنه ليسَ لهَا في كتابِ اللَّهِ شيء، وقد حكَى بعضُ العلماءِ الإجماعَ على ذلكَ، وأنَ فرضَهما إنما ثبتَ بالسُّنّة، وقيلَ: إنَّ السدسَ طُعْمةٌ أطعَمَها رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وليس بفرضِ، كذا رُوي عن ابنِ مسعودٍ وسعيدِ بنِ المُسيبِ.