للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بصيام يومٍ أراد به وَجْهَ اللَّه أدخله اللَّه الجنة، ومنْ خُتِمَ له بإطعام مسكينٍ أراد به وجه اللَّه أدخله اللَّه الجنةَ".

كان السلف يرون أن من مات عقيبَ عمل صالح، كصيامِ رمضانَ، أو

عقيبَ حج أوعمرةٍ، أنَّه يُرجَى له أن يدخل الجنة، وكانوا مع اجتهادهم في

الصحة في الأعمالِ الصالحةِ يجددون التوبةَ والاستغفارَ عندَ الموتِ، ويختمُونَ

أعمالهم بالاستغفارِ وكلمةِ التوحيدِ.

لما احتُضِرِ العلاءُ بن زيادٍ، بكى، فقيلَ له: ما يُبكيك؟

قال: كنتُ واللَّهِ أحب أن أستقبلَ الموتَ بتوبةٍ.

قالوا: فافعلْ رحمك اللَّه، فدعا بطَهُور فتطهَّر، ثم دعا بثوبٍ له جديد فلبسه، ثم استقبلَ القبلةَ، فأومَأ برأسه مرتينِ

أو نحو ذلك، ثم اضطجع ومات.

ولما احتُضِرَ عامر بن عبد الله بكى، وقال: لمثل هذا المصرع فليعملِ

العاملونَ، اللَهُمَّ إنِّي أستغفرك من تقصيرِي وتفريطي، وأتوبُ إليك من جميع

ذنوبي، لا إله إلا اللَهُ، ثم لم يزل يردِّدُها حتى ماتَ - رحِمَه اللَّهُ.

وقال عمرو بن العاص - رحمه اللَّهُ - عند موتِهِ: اللَّهُمَ أمرتنا فعصيْنا.

ونهيتنا فركبنا، ولا يسعُنا إلا عفوُك، لا إله إلا اللَهُ، ثم ردَّدها حتى مات.

وقال عمرُ بنُ عبدِ العزيزِ - رحمهُ اللَّهُ - عند موتِهِ: أجلِسُوني، فأجلسُوه.

فقالَ: أنا الذي أمرْتَني فقصَّرْتُ، ونهيتني فعصيْتُ، ولكن لا إله إلا اللَّهُ، ثم

رَفَعَ رأسه فأحَدَّ النظرَ، فقالُوا له: إنَّك تنظرُ نظرًا شديدًا يا أميرَ المؤمنين.

قال: إنِّي أرى حضرةً ما هم بإنسٍ ولا جنٍّ، ثم قُبضَ رحمةُ اللَّهُ عليه.

وسمعوا تاليًا يتلو: (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (٨٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>