وأبي حنيفةَ، ومالكٍ، والحسنِ بنِ صالح، وأحمدَ في روايةٍ.
ومنهم من قال: عليه الإعادةُ بكلِّ حالٍ سواءٌ كان مسافرًا أو حاضرًا، وهو
قولُ الشافعيِّ، وروايةٌ عن أحمدَ.
ومنهم من قالَ: إن كانَ مسافرًا لم يُعِد، وإن كانَ حاضِرًا أعادَ، وهو قولٌ
آخرُ للشافعيِّ، وروايةٌ عن أحمدَ، وقولُ أبي يوسف ومحمدٍ.
وحكى ابنُ عبدِ البرِّ عن أبي يوسفَ وزُفَرَ: أنه لا يجوزُ للمريضِ في
الحضرِ التيممُ بحالٍ.
وذكرَ أبو بكرٍ الخلاَّلُ من أصحابِنا: أنه لا يجوزُ التيممُ في الحضرِ لشدةِ
البردِ، وهو مخالفٌ لنصِّ أحمدَ وسائرِ أصحابهِ.
وحكى ابنُ المنذرِ وغيرُه عن الحسنِ وعطاءٍ: أنه إذا وَجَدَ الماءَ اغتسل به وإن
ماتَ، لأنه واجدٌ للماءِ، إنما أُمِرَ بالتيمم من لم يجدِ الماءَ.
ونقلَ أبو إسحاق الفزاريُّ في كتابِ "السيرِ" عن سُفيانَ نحوَ ذلك، وأنه لا
يتيممُ لمجردِ خوفِ البردِ، وإنما يتيممُ لمرضٍ مخوفٍ، أو لعدمِ الماءِ.
وينبغي أن يُحمل كلامُ هؤلاءِ على ما إذا لم يخْشَ الموتَ، بل أمكنهُ
استعمالُ الماء المُسخَّن وإن حصلَ له به بعضُ ضررٍ، وقد رُوي هذا المعنى
صريحًا عن الحسنِ - أيضًا - وكذلك نقلَ أصحابُ سفيانَ مذهبَهُ في
تصانيفهم، وحكَوا أن سفيان ذكر أن الناسَ أجمعُوا على ذلكَ.
وقد سبقَ الكلامُ في تفسيرِ الآيةِ، وأنَّ اللهَ تعالى أذِن في التيمم للمريضِ
وللمسافرِ ولمن لم يجدِ الماءِ من أهلِ الأحداثِ مُطلقًا، فمن لم يجدِ الماءَ