للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآية ِ: كانُوا يكرهونَ أن يُستذلُّوا فإذا قَدَرُوا عَفَوْا.

وقال مجاهدٌ: كانوا يكرهون للمؤمنِ أن يذلَّ نفسَهُ، فيجترئُ عليه الفُسَّاقُ، فالمؤمنُ إذا بُغِي عليهِ يُظهرُ القدرةَ على الانتقامِ، ثم يعفوُ بعدَ ذلك، وقد جَرَى مثلُ هذا لكثيرٍ من السلفِ، منهم قتادةُ وغيرُه.

فهذه الآياتُ تتضمنُ جميعَ ما ذكره النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في وصيته لمعاذٍ، فإنَّها تضمنتْ أصولَ خصالِ التقوى بفعلِ الواجباتِ، والانتهاءِ عن كبائرِ المحرَّماتِ ومعاملةِ الخلقِ بالإحسانِ والعفوِ، ولازِمُ هذا أنَّه إنْ وقعَ منهم شيء من الإثم من غيرِ الكبائرِ والفواحشِ، يكونُ مغمورًا بخصالِ التَّقوى المقتضيةِ لتكفيرِهَا ومحوِها.

وأما الآياتُ التي في سورةِ "آل عمرانَ "، فوَصَفَ فيها المتقينَ بالإحسانِ إلى

الخَلْقِ، وبالاستغفارِ من الفواحشِ وظلم النفسِ، وعدمِ الإصرارِ على ذلكَ.

وهذا هو الأكملُ، وهو إحداثُ التوبة، والاستغفارُ عَقِيْبَ كل ذنبٍ مِنَ

الذنوبِ صغيرًا كان أو كبيرًا، كما رُويَ أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وصَّى بذلكَ معاذًا، وقد ذكرناهُ فيما سبَقَ.

وإنما بسطنا القولَ في هذا، لأنَّ حاجةَ الخلقِ إليه شديدة، وكلّ أحد

يحتاجُ إلى معرفةِ هذا، ثم إلى العملِ بمقتضاهُ، واللَّهُ الموفقُ والمعين.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>