وخرَّج الإمامُ أحمدُ والترمذيُّ وابنُ ماجةَ من حديثِ أبي هريرةَ عن النبيِّ
- صلى الله عليه وسلم - قالَ:
"إنَّ الرجلَ ليتكلَّمُ بالكلمة لايَرى بها بأسًا يهوِي بها في النارِ سبعينَ
خرِيفًا".
وخرَّج البزارُ نحوَه من حديثِ ابنِ مسعود عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -.
وفي "تفسيرِ ابنِ جريرٍ" من روايةِ العوفي عن ابنِ عباسٍ، في قولِهِ تعالى:
(وقَالُوا لَن تَمَسَّنَا النَّار إِلاَّ أَيَّامًا مَّعْدُودَةً) .
قالَ: ذُكِرَ أنَّ اليهودَ وجدُوا في التوراةِ مكتوبًا أن ما بينَ طرفي جهنَم مسيرةُ
أربعينَ سنةً إلى أن ينتهوا إلى شجرةِ الزقومِ ثابتة في أصل الجحيم.
وكان ابن عباسٍ يقولُ: إن الجحيمَ سقر وفيها شجرةُ الزقومِ، فزعمَ أعداءُ اللَّه أنه إذا خَلا العددُ الذي وجدُوا في كتابِهِم أيامًا معدودةً، وإنما يعني بذلكَ
السيرَ الذي ينتهي إلى أصلِ الجحيم، فقالُوا: إذا خلا العدد انقضى الأجلُ فلا عذابَ، وتذهبُ جهنم وتهلكُ، فذلك قولُهُ: (لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّامًا معْدُودَةً) .
يعنون بذلكَ الأجلَ، فقالَ ابنُ عباس: لما اقتحمُوا من بابِ جهنَّم
سارُوا في العذابِ حتى انتهَوا إلى شجرةِ الزقومِ آخرُ يومٍ من الأيامِ المعدودة.
وهي أربعونَ سنةً، فلمَّا أكلُوا من شجرةِ الزقومِ وملؤوا البطونَ آخرَ يومٍ من
الأيامِ المعدودةِ، قال لهمْ خزنةُ سقر: زعمتُم أنكم لن تمسَّكُمَ النارُ إلا أيامًا
معدودةً وقد خلا العددُ وأنتم في الأبدِ، فأخذَ بهم في الصعودِ في جهنم
يرهقونَ.
ففي هذه الروايةِ عن ابنِ عباسٍ أنَّ قعرَ جهنَّمَ ومسافةَ عمقِها أربعونَ عامًا.
وأنَّ ذلك هو معنى ما في التوراةِ، ولكنَّ اليهودَ حرَّفُوه فجعلوهُ مسافةَ ما بين
طرفيَها، وزعمُوا أنه إذا انقضتْ هذه المدةُ أنَّ جهنَّم تخربُ وتهلك، فإنَّ ذلك