الرِّضا بما يقدِّره ويقضِيه مما يؤلمُ النفوسَ من المصائبِ، وهذا فضلٌ مستحبٌّ
مندوبٌ إليه.
وفي "صحيح البخاريِّ " عن أبي هريرةَ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "يقولُ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: منْ عَادَى لي وليًّا فقدْ آذنْتُهُ بالحربِ، ما تقرَّبَ إليَّ عبْدِي بشيءٍ أحبَّ إليَّ مما افْترضتُ عليه، ولا يزالُ عبدِي يتقرَّبُ إليَّ بالنوافلِ حتى أحبَّهُ، فإذا أحببْتُه كنْتُ سمْعَهُ الذي يسمعُ به، وبصرَه الذي يبصرُ به، ويدَه التي يبطشُ بها، ورِجْلَهُ التي يمشي بها، ولئن
سألنِي لأعْطينَّهُ، ولئن استعاذنِي لأعيذته، وما تردَّدْتُ عن شيءٍ أنا فاعلُهُ تردّدِي عن قبْضِ نفْسِ عبدِي المؤمنِ يكْرَهُ الموْتَ وأنا اكرَهُ مُساءَتَهُ ".
وقد روي هذا المعنى عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - من حديثِ عليِّ بنِ أبي طالبٍ - رضي الله عنه - وابنِ عباسٍ - رضي الله عنهما -، وأبي أمامةَ
وعائشةَ - رضي الله عنها -، بأسانيدَ فيها نظرٌ.
وذكر ابنُ أبي الدنيا بإسنادِهِ عن سُهيلٍ أخي حزمٍ قال: بلَغَنِي عن عامرِ بنِ
عبدِ قيسٍ أنه كانَ يقول: "أحببتُ اللَّهَ عزَّ وجلَّ حبًا سهَّلَ علي كلَّ مصيبة
ورضَّاني بكلٍ قضية، فما أُبالي مع حُبِّي إيَّاهُ ما أصبحتُ عليه وما أمسيتُ ".
وقال إبراهيمُ بنُ الجنيدِ: حدثنا محمدُ بنُ الحسنِ حدثني عبيدُ اللَّهِ بنُ محمدٍ
التميمي أن رجلاً قال لعابدٍ: أوصِنِي، أوعظْنِي، فقال:
"أىُّ الأعمالِ أغلبُ على قلبِكَ؟
فقال الرجلُ: واللَّهِ ما أجدُ شيئًا أنفع للمحبِّ عند حبيبِهِ من
المبالغةِ في محبَّتِهِ، وهلْ تَدْرِي ما ذلك؟ أن لا يعلمَ شيئًا فيه رضاهُ إلا أتاهُ.
ولا يعلمُ شيئًا فيه سخطُهُ إلا اجتَنَبَهُ، فعند ذلك ينزل المحبونَ من اللَّهِ منازلَ
المحبةِ، قال: فصرخَ العابدُ والسائلُ وسقطا".