(لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلا الشَّهْرَ الْحَرَامَ) .
وقال تعالى: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ) .
وخرَّجَ ابنُ أبي حاتمٍ بإسنادِهِ عن جُنْدُبِ بنِ عبدِ اللَّهِ أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - بعثَ رهطَا وبعثَ عليهم عبدَ اللَّهِ بنَ جَحْشٍ، فلقوا ابنَ الحضْرمِيِّ فقتلوه، ولم يدْرُوا أنَّ ذلك من رجبٍ أو من جُمادى، فقال المشركونَ للمسلمينَ.
قتلتُم في الشهرِ الحرامِ، فأنزلَ اللَّهُ عزَ وجل: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كبِيرٌ) الآية.
وروى السُّدِّيُّ عن أبي مالكٍ، وعن أبي صالح، عن ابنِ عباسٍ، وعن
مُرَّةَ، عن ابنِ مسعودٍ في هذه الآيةِ، فذكروا هذه القصةَ مبسوطةً، وقالُوا
فيها: فقال المشركونَ: يزعمُ محمدٌ يتبعُ طاعةَ اللَّهِ وهو أوَّلُ مَن استحلَّ
الشهرَ الحرامَ، فقال المسلمونَ: إنَّما قتلناه في جُمَادى.
وقيلَ: في أولِ رجبٍ وآخِرِ ليلةٍ من جُمَادى، وغَمَدَ المسلمونَ سيوفَهم
حين دخل شهرُ رجبٍ، وأنزلَ اللَّهُ تعالى تعييرًا لأهلِ مكَّةَ:
(يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ)
لا يحلُّ، وما صنعتم أنتم يا معشرَ المشركينَ أكبرُ من القتْلِ في الشَّهرِ الحرامِ، حين كفرتم باللَّه، وصددْتُم عن محمَّدٍ وأصحابِهِ، وإخراج أهلِ المسجدِ الحرامِ حينَ أخْرَجُوا منه محمدًا - صلى الله عليه وسلم - أكبرُ منَ القتلِ عندَ اللهِ.
وقد رُوي عن ابنِ عباسٍ هذا المعنى من روايةِ العوفيِّ عنه، ومن روايةِ
أبي سعد البقالِ، عن عكرمةَ، عنه.