وفي الحديث: أنَّ بني إسرائيلَ، لو لمْ يقولُوا: "إنْ شاء اللَّه " ما اهتدُوا
أبدًا يعني إلى البقرةِ التي أُمروا بذبحِهَا.
وفي الحديثِ الذي في "المسندِ" و "السنن": أنَّ يأجوجَ ومأجوجَ يحفرونَ
كلَّ يومٍ السدَّ حتى يكادُوا يروا منه شُعاعَ الشمسِ، ثم ينصرفونَ ويقولونَ غدًا نفتحُهُ فإذا رجعُوا من الغدِ وجدُوه كما كان أولاً حتى يأذنَ اللَّهُ في فتحِهِ، فيقولونَ: غدًا نفتحُهُ إنْ شاءَ اللَّهُ، فيرجعونَ فيجدونَهُ كما تركوه فيفتحونه.
قال إبراهيمُ بنُ أدهمَ: قال بعضُهم: ما سألَ السائلونَ مسألةً هي أنجحُ من
أن يقولَ العبدُ: ما شاء اللَّهُ قال: يعني بذلك: التفويضَ إلى اللَّهِ.
وكان مالكُ بنُ أنسٍ كثيرًا يقولُ: ما شاءَ اللَّهُ ما شاءَ اللَّهُ.
فعاتبه رجلٌ على ذلكَ. فرأى في منامِهِ قائلاً يقولُ: أنت المُعاتبُ لمالكٍ على قولِهِ ما شاء اللَّه، لو شاءَ مالكٌ أنْ يثقبَ الخردلَ بقولِه ما شاءَ اللَّهُ فعلَ.
قال حمادُ بنُ زيدٍ: جعلَ رجلٌ لرجلٍ جُعلاً على أنْ يعبرَ نهرًا، فعبرَ حتى
إذا قربَ من الشطِّ، قال: عبرتُ واللَّهِ، فقالَ له الرجلُ: قلْ إن شاء اللَّهُ.
فقال: شاءَ اللَّهُ أو لم يشأ، قال: فأخذَتْهُ الأرضُ.
فلا ينبغي لأحدٍ أن يُخبر بفعلٍ يفعله في المستقبلِ إلا أنْ يُلحقَهُ بمشيئةِ اللَّهِ.
فإنَّه ما شاءَ اللَّهُ كان وما لم يشأ لم يكنْ.
والعبدُ لا يشاءُ إلا أنْ يشاءَ اللهُ له.
فإذا نسِيَ هذه المشيئةَ ثم تذكَّرها فقالَهَا عند ذكرها ولو بعدَ مدةٍ، فقد
امتثلَ ما أُمِرَ به، وزالَ عنه الإثمُ، وإنْ كان لا يرفعُ ذلك عنه الكفارةَ،