ولا الحِنثَ في يمينِهِ، ولهذا في كلامِ أبي الدرداءِ: اللَّهُمَ اغفرْ لي وتجاوزْ عنِّي.
فلم يسألْ إلا رفعَ الإثم دونَ رفع الكفارةِ.
رُوي عن سعيدِ بنِ جبيرِ، في قولِهِ تعالي: (وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ) .
قال: يقولُ: إذا حلفتَ فنسيتَ الاستثناءَ فاستثنِ إذا ذكرتَ.
ولو بعدَ خمسةِ أشهرٍ أو ستةَ أشهرٍ؛ فإنَّه يجزئك ما لم تحنثْ.
خرَّجه آدمُ بنُ أبي إياسِ في "تفسيرِهِ ".
وعلى هذا حَملَ قولَ ابنِ عباسٍ وأصحابهِ طائفةٌ من العلماءِ، منهُم:
أبو مسعودٍ الأصبهانيُّ الحافظُ وابنُ جريرِ الطبريُّ.
وكذا يُقال في هذا الحديثِ من تقدُّم الاستثناء؛ فإنَّ تقديمَه أبعدُ من تأخير
عن اليمينِ، فإنَّ اليمينَ لم تُوجد بالكليَّة وفي تأخيره وجدتْ.
وقد قالَ مالكٌ في الاستثناءِ في اليمينِ: إنْ ذكرَ المشيئةَ يريدُ بها الاسثتناءَ
نفعَهُ ذلك في منع الحنثِ، وإنْ كان إنَما أراد امتثالَ قولِهِ تعالى: (وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (٢٣) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ) ، ثم حنثَ، فإنَي
أرى الكفارةَ نقلَهُ ابنُ المنذرِ وغيرُه وكذلك حكاهُ أبو عُبيد عن بعضِ العلماءِ.
وترددَ بعضُ العلماء في وجوبِ الكفارةِ في هذا القسم؛ لترددِّ نظر بين
اللفظِ والمعْنَى. فلفظُهُ معلَّق بالمشيئةِ، ومعناهُ الجزمُ بالفعلِ غير معلقٍ، وإنَّما
ذكرَ الاستثناء تحقيقًا وتأكيدًا للفعلِ.
وفي الجملةِ: فينبغي حملُ حديثِ زيدِ بنِ ثابتِ هذا على هذا المعنى.
وأنْ تُقدَّم المشيئةُ على كل قولٍ يقولُه وحلفٍ يحلفُهُ ونذرٍ ينذرُهُ، ليخرجَ بذلكَ