إلى موسَى - عليه السلامُ -: أتدرِي لأيِّ شيءٍ اصطفيتُكَ على الناسِ
برسالاتِي وبكلامِي؟
قال: لا يا ربِّ! قال: لأنه لم يتواضع لي أحد تواضُعَكَ ".
وهذا الخشوعُ هو العلمُ النافعُ، وهو أولُ ما يُرفعُ من العلم.
خرَّج النَّسائيُّ من حديثِ جُبَيرِ بن نفيرٍ - رضي الله عنه - عن عَوْفِ بن مالكٍ - رضي الله عنه - عن رسولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نظرَ إلى السماءِ يومًا وقال: "هذا أوانُ يرفعُ العلمُ " فقال رجل
من الأنصارِ - يُقالُ له: زيادُ بن لَبيد -: يا رسولَ اللَّه: ويُرْفَعُ العلم وقد أُثبتَ وَوَعَتْهُ القُلوبُ؟
فقال له رسولُ اللَّه - صلى الله عليه وسلم -:
"إنْ كنتُ لأحسبكَ من أفقهِ أهلِ المدينةِ"
وذكرَ ضلالةَ اليهودِ والنصارَى على ما في أيديهم من كتابِ اللَّهِ عزَ وجلَّ.
قال: فلقيتُ شدَّاد بنَ أوسٍ فحدثتُه بحديثِ عوفِ بن مالكٍ، فقال: صدقَ
عوف، ألا أخبرُكَ بأولِ ذلك يُرفع؟
قلتُ: بلى، قالَ: الخشوعُ، حتَّى لا ترى خاشعًا.
وخَرَّجه الترمذيُّ من حديثِ جبيرِ بن نفيرٍ عن أبي الدرداءَ عن النبي
- صلى الله عليه وسلم - بنحوِه، وفي آخره: قال جبير: فلقيتُ عبادةَ بنَ الصامتِ، فقلتُ: ألا تسمعُ ما يقولُ أخوك أبو الدرداء - فأخبرتُه بالذي قال؟
قال: صدقَ أبو الدرداء، لو شئتَ لحدثتك بأول علم يُرفع من الناسِ: الخشوعُ، يوشكُ أن تدخلَ مسجدَ الجامع فلا تَرى فيه رجُلاً خاشِعًا.