للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنفىِ والنَّهْي وغيرِ ذلكَ ولهذا يَتواردُ "إنَّما" وحروفُ الشرطِ والاستفهامُ

والنَّفْيُ الاستثناء كما في قولِهِ تعالى: (إِنَّمَا تجْزَوْنَ مَا كنتُمْ تَعْمَلُونَ) .

وقوله: (إِنَّمَا إِلهكم إِلَهٌ وَاحِدٌ) .

وقوله: (إِنَّمَا اللَّه إِلَهٌ وَاحِدٌ)

(إِنَّمَا إِلَهكمْ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ) .

فإنه كقولِهِ: (وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ اللَّهُ) .

وقولِهِ: (مَا لَكُم مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ) ، ونحوِ ذلكَ.

ولهذا كانتْ كُلُّها واردةً في سياقِ نفْي الشركِ وإبطالِ إلهيةِ سوى اللَّهِ

سبحانَهُ، وأمَّا أنَّها مركبةٌ من "إنَّ " و"ما" الكافةِ فمُسلَّم، ولكنَّ قولَهُم إنَّ "ما" الكافةَ أكثرُ ما تفيدُهُ قوةُ التوكيدِ لا تُثْبتُ مَعْنى زائدًا، يجابُ عنهُ من وجوه:

أحدها: أنَّ "ما" الكافةَ قدْ تُثبتُ بدخولِهَا على الحروفِ معْنىً زائِدًا، وقدْ

ذكرَ ابنُ مالك أنَها إذا دَخَلتْ على الباءِ أحدَثَتْ معنى التقليلِ، كقولِ

الشاعرِ:

فالآن صِرْتَ لا تَحِيدُ جَوَابًا. . . بما قدْ يُرى وأنتَ حَطِيبُ

قالَ: وكذلك تُحدِثُ في "الكافِ " معْنَى التعْليلِ، في نحوِ قولِهِ تعالى:

(وَاذْكُرُوهُ كمَا هَدَاكمْ) ، ولكِنْ قد نُوزِعَ في ذلك وادَّعى أنَّ "الباءَ"

و"الكافَ " للسببيةِ، وأنَّ "الكافَ " بمجردِهَا تفيدُ التعليلَ.

والثاني: أن يُقالَ: لا ريبَ أنَّ "إنَّ " تفيدُ توكيدَ الكلامِ، و"ما" الزائِدةُ تُقوِّي هذا التوكيدَ وتثبتُ مَعْنى الكلامِ فتفيدُ ثبوتَ ذلكَ المعْنى المذكورِ في اللفظِ خاصةً ثبوتًا لا يشاركه فيه غيرُهُ واختصَاصُهُ به، وهَذا منْ نوع التوكيدِ والثبوتِ ليسَ معنىً آخرَ مغايرًا لهُ وهوَ الحصرُ المدَّعى ثبوتُهُ بدخولِ "ما" يخرجُ عنْ إفادةِ قوَّةِ معنى التوكيدِ وليسَ ذلكَ بمُنْكرٍ إذ المستنكرُ ثبوتُ مَعْنى آخرَ بدخولِ الحرفِ الزائدِ منْ غيرِ جنسِ ما يُفيدُهُ الحرفُ الأوَّلُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>