ولم يعملْ ما ينفعُهُ بلْ ما يضرُّه، ولهذا لمَّا سُئِلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عن الكفارِ فقالَ: "ليسُوا بشيء".
ويقولُ أهلُ الحديثِ عنْ بعض الرواةِ المجروحينِ والأحاديثِ
الواهيةِ: "ليسَ بشيءٍ " إذا لم يكنْ مما يُنتفعُ بِهِ في الروايةِ لظهورِ كذبِهِ عمْدًا
أوْ خطأ، ويقال أيضًا لمن خرجَ عنْ موجب الإنسانيةِ في الأخلاقِ ونحوِهَا:
هذا ليسَ بآدميّ ولا إنسانٍ وما فيه إنسانية، ومنه قولُ النِّسوَةِ في يوسفَ عليه السلامُ: (مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ) .
وكَذلكَ قولُ اللَّهِ تعالى: (فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) .
وقولُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -
"ليس المسكينُ بهذا الطوَّافُ الذي تردُّه اللقمةُ واللقْمتانِ والتمرةُ
والتمرتانِ إنَّما المسكينُ الذي لا يجد ما يُغنيه ولا يُفْطَنُ له فيُتصدَّقُ عليه ولا يسْألُ الناسَ إلحافًا" وكذلك قال: "ما تعدُّونَ المفلِسَ فيكُم؟ " قالُوا: الذي لا دِرهَم له ولا دِينار قالَ: "ليس ذلكَ بالمفلِسِ، ولكنَّ المفلِسَ من يأتِي يومَ القيامةِ بحسناتٍ أمثالِ الجبالِ ويجيءُ وقد شتمَ هذا وضَرَبَ هذا وأخذَ مالَ هذا فيأخُذُ هذا منْ حسناتِهِ وهذا منْ حسَنَاتِهِ فإذا لم يتبقَّ لَهُ حسنةٌ أُخِذَ منْ سيئاتِهِم فَطُرِحَتْ عليه ثُمَّ ألقي في النارِ"
وقالَ: "ما تعُدُّون الرقوبَ فيكُم؟ "
قالُوا: الرقوبُ منْ لا يُولدُ لهُ.
قال: "الرقوبُ منْ لم يُقدِّم منْ ولدِهِ شيئا".
وكذلك قولُهُ - صلى الله عليه وسلم -:
"ليسَ الشديد بالصُّرعةِ ولكنَّ الشديدَ الذي يملكُ نفسَهُ عندَ الغضبِ "
وقولُهُ - صلى الله عليه وسلم -:
"ليسَ الغِنَى عن كثْرةِ العَرَضِ وإنَّما الغِنَى غِنَى النفْسِ".